سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٣ - الصفحة ٢٧٨
فأجابه، وكاد يطير فرحا، إلا أنه قال: أما عشرة أنفس، فلا، فراجعه الحسن فيهم، فكتب إليه: إني قد آليت متى ظفرت بقيس بن سعد أن أقطع لسانه ويده. فقال: لا أبايعك. فبعث إليه معاوية برق أبيض، وقال: اكتب ما شئت فيه وأنا التزمه، فاصطلحا على ذلك. واشترط عليه الحسن أن يكون له الامر من بعده، فالتزم ذلك كله معاوية. فقال له عمرو: إنه قد انفل حدهم، وانكسرت شوكتهم. قال: أما علمت أنه قد بايع عليا أربعون ألفا على الموت، فوالله لا يقتلون حتى يقتل أعدادهم منا، وما والله في العيش خير بعد ذلك (1).
قال أبو عمر: وسلم في نصف جمادى الأول الامر إلى معاوية، سنة إحدى وأربعين (2). قال: ومات فيما قيل سنة تسع وأربعين. وقيل: في ربيع الأول سنة خمسين. وقيل: سنة إحدى وخمسين (3).
قال: وروينا من وجوه: أن الحسن لما احتضر، قال للحسين: يا أخي: إن أباك لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم، استشرف لهذا الامر، فصرفه الله عنه، فلما احتضر أبو بكر، تشرف أيضا لها، فصرفت عنه إلى عمر. فلما احتضر عمر، جعلها شورى، أبي (4) أحدهم، فلم يشك أنها لا تعدوه، فصرفت عنه إلى عثمان، فلما قتل عثمان، بويع، ثم نوزع حتى جرد السيف وطلبها، فما صفا له شئ منها، وإني والله ما أرى أن يجمع الله فينا - أهل البيت - النبوة والخلافة، فلا أعرفن ما استخفك سفهاء أهل الكوفة، فأخرجوك. وقد كنت طلبت إلى عائشة أن أدفن في حجرتها، فقالت:
نعم. وإني لا أدري لعل ذلك كان منها حياء، فإذا ما مت، فاطلب ذلك

(1) " الاستيعاب " 1 / 370، 371. (2) " الاستيعاب " 1 / 372.
(3) " الاستيعاب " 1 / 374 (4) لفظ " أبي " تحرف في المطبوع إلى " إلى ".
(٢٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 273 274 275 276 277 278 279 280 281 282 283 ... » »»