سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٣ - الصفحة ١٥٥
يسألانه. فأعطى كلا منهما مئة ألف، فبلغ ذلك عليا، فقال لهما: ألا تستحيان؟ رجل نطعن في عيبه غدوة وعشية تسألانه المال!؟ قالا: لأنك حرمتنا وجاد هو لنا (1).
أبو هلال، عن قتادة، قال معاوية: واعجبا للحسن! شرب شربة من عسل بماء رومة، فقضى نحبه. ثم قال لابن عباس: لا يسوؤك الله ولا يحزنك في الحسن. قال: أما ما أبقى الله لي أمير المؤمنين فلن يسوءني الله ولن يحزنني. قال: فأعطاه ألف ألف من بين عروض وعين. قال: اقسمه في أهلك (2).
روى العتبي قال: قيل لمعاوية: أسرع إليك الشيب، قال: كيف لا، ولا أعدم رجلا من العرب قائما على رأسي يلقح لي كلاما يلزمني جوابه، فإن أصبت لم أحمد، وإن أخطأت سارت به البرد (3).
قال مالك: إن معاوية قال: لقد نتفت الشيب مدة. قال: وكان يخرج إلى مصلاه، ورداؤه يحمل من الكبر. ودخل عليه إنسان، وهو يبكي، فقال: ما يبكيك؟ قال: هذا الذي كنتم تمنون لي.
محمد بن الحسن بن أبي يزيد (4): عن مجالد، عن الشعبي، قال:
لما أصاب معاوية اللقوة (5)، بكى، فقال له مروان: ما يبكيك؟ قال:
راجعت ما كنت عنه عزوفا، كبرت سني، ورق عظمي، وكثر دمعي،

(1) ابن عساكر 16 / 370 / ب.
(2) ابن عساكر 16 / 371 / ب، وقوله: بماء رومة. أي بماء بئر رومة وكان ماؤها عذبا وهي في عقيق المدينة. كانت لرجل من غفار يقال له رومة، ابتاعها منه عثمان رضي الله عنه وتصدق بها.
انظر " فتح الباري " 5 / 22، و 305 (3) ابن عساكر 16 / 375 ب.
(4) تحرف في المطبوع إلى " مزيد ".
(5) اللقوة: داء يعرض للوجه يعوج منه الشدق.
(١٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 ... » »»