فضرب الدهر من ضربه (1)، وسير أبو ذر إلى الربذة. فلما حضرته الوفاة، أوصى امرأته وغلامه، فقال: إذا مت فاغسلاني وكفناني، وضعاني على الطريق، فأول ركب يمرون بكم فقولا: هذا أبو ذر.
فلما مات فعلا به ذلك. فاطلع ركب، فما علموا به حتى كادت ركائبهم توطأ السرير. فإذا عبد الله بن مسعود في رهط من أهل الكوفة، فقال: ما هذا؟ قيل: جنازة أبي ذر. فاستهل ابن مسعود يبكي، وقال:
صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يرحم الله أبا ذر! يمشي وحده، ويموت وحده، ويبعث وحده ".
فنزل فوليه بنفسه، حتى أجنه (2).
شريك، عن إبراهيم بن مهاجر، عن كليب بن شهاب: سمعت أبا ذر يقول: ما تؤيسني رقة عظمي، ولا بياض شعري، أن ألقى عيسى ابن مريم (3).
وعن ابن سيرين: سألت ابن أخت لأبي ذر: ما ترك أبو ذر؟ قال: ترك أتانين، وحمارا، وأعنزا، وركائب (4).
يحيى بن سعيد الأنصاري: أخبرنا الحارث بن يزيد الحضرمي: أن أبا ذر سأل رسول الله الامرة، فقال: " إنك ضعيف، وإنها خزي وندامة، إلا