في كنيستك، وأتعلم منك، وأصلي معك. قال: فادخل، فدخلت معه، فكان رجل سوء يأمرهم بالصدقة ويرغبهم فيها، فإذا جمعوا إليه منها شيئا، اكتنزه لنفسه، ولم يعطه المساكين حتى جمع سبع قلال من ذهب وورق، فأبغضته بغضا شديدا لما رأيته يصنع.
ثم مات، فاجتمعت إليه النصارى ليدفنوه، فقلت لهم: إن هذا رجل سوء، يأمركم بالصدقة، ويرغبكم فيها، فإذا جئتم بها، كنزها لنفسه، ولم يعط المساكين، وأريتهم موضع كنزه سبع قلال مملوءة، فلما رأوها قالوا: والله لا ندفنه أبدا.
فصلبوه ثم رموه بالحجارة. ثم جاؤوا برجل جعلوه مكانه، فما رأيت رجلا - يعني لا يصلي الخمس - أرى أنه أفضل منه، أزهد في الدنيا، ولا أرغب في الآخرة، ولا أدأب ليلا ونهارا، ما أعلمني أحببت شيئا قط قبله حبه، فلم أزل معه حتى حضرته الوفاة، فقلت: يا فلان! قد حضرك ما ترى من أمر الله، وإني والله ما أحببت شيئا قط حبك، فماذا تأمرني وإلى من توصيني؟
قال لي: يا بني والله ما أعلمه إلا رجلا بالموصل، فائته، فإنك ستجده على مثل حالي.
فلما مات وغيب، لحقت بالموصل، فأتيت صاحبها، فوجدته على مثل حاله من الاجتهاد والزهد. فقلت له: إن فلانا أوصاني إليك أن آتيك وأكون معك.
قال: فأقم أي بني. فأقمت عنده على مثل أمر صاحبه حتى حضرته الوفاة.
فقلت له: إن فلانا أوصى بي إليك وقد حضرك من أمر الله ما ترى، فإلى من توصي بي؟ وما تأمرني به؟ قال: والله ما أعلم، أي بني، إلا رجلا بنصيبين.
فلما دفناه، لحقت بالآخر، فأقمت عنده على مثل حالهم حتى حضره