سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١ - الصفحة ٥١٠
فرفع مولاي يده فلكمني لكمة شديدة، وقال: مالك ولهذا، أقبل على عملك. فقلت: لا شئ، إنما سمعت خبرا، فأحببت أن أعلمه.
فلما أمسيت، وكان عندي شئ من طعام، فحملته وذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بقباء، فقلت له: بلغني أنك رجل صالح، وأن معك أصحابا لك غرباء، وقد كان عندي شئ من الصدقة فرأيتكم أحق من بهذه البلاد، فهاك هذا، فكل منه.
قال: فأمسك، وقال لأصحابه: كلوا. فقلت في نفسي: هذه خلة مما وصف لي صاحبي.
ثم رجعت، وتحول رسول الله إلى المدينة، فجمعت شيئا كان عندي ثم جئته به فقلت: إني قد رأيتك لا تأكل الصدقة، وهذه هدية. فأكل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكل أصحابه، فقلت: هذه خلتان.
ثم جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتبع جنازة وعلي شملتان لي وهو في أصحابه، فاستدرت أنظر إلى ظهره هل أرى الخاتم الذي وصف.
فلما رآني استدبرته عرف أني أستثبت في شئ وصف لي، فألقى رداءه عن ظهره، فنظرت إلى الخاتم فعرفته، فانكببت عليه أقبله وأبكي.
فقال لي: تحول. فتحولت، فقصصت عليه حديثي كما حدثتك يا ابن عباس، فأعجب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يسمع ذلك أصحابه.
ثم شغل سلمان الرق حتى فاته مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بدر وأحد.
ثم قال رسول الله: كاتب يا سلمان. فكاتبت صاحبي على ثلاث مئة نخلة
(٥١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 505 506 507 508 509 510 511 512 513 514 515 ... » »»