سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١ - الصفحة ٤٠٥
أبو عمران الجوني، عن علقمة بن عبد الله المزني، عن معقل بن يسار:
أن عمر شاور الهرمزان في أصبهان وفارس وأذربيجان فقال: أصبهان:
الرأس، وفارس وأذربيجان: الجناحان، فإذا قطعت جناحا فاء الرأس وجناح (1)، وإن قطعت الرأس، وقع الجناحان. فقال عمر للنعمان بن مقرن:
إني مستعملك، فقال: أما جابيا، فلا، وأما غازيا، فنعم، قال: فإنك غاز.
فسرحه، وبعث إلى أهل الكوفة ليمدوه وفيهم حذيفة، والزبير، والمغيرة، والأشعث، وعمرو بن معدي كرب. فذكر الحديث بطوله. وهو في " مستدرك الحاكم " وفيه: فقال: اللهم ارزق النعمان الشهادة بنصر المسلمين، وافتح عليهم. فأمنوا، وهز لواءه ثلاثا. ثم حمل، فكان أول صريع رضي الله عنه.
ووقع ذو الحاجبين من بغلته الشهباء، فانشق بطنه، وفتح الله، ثم أتيت النعمان وبه رمق، فأتيته بماء، فصببت على وجهه أغسل التراب، فقال: من ذا؟ قلت: معقل قال: ما فعل الناس؟ قلت: فتح الله. فقال: الحمد لله.
اكتبوا إلى عمر بذلك، وفاضت نفسه رضي الله عنه (2).

(1) اضطربت هذه العبارة في المطبوع وتحرفت إلى ما يلي: " فإذا قطعت جناحاها فاء الرأس وجنح ".
(2) أخرجه الحاكم 3 / 293، وإسناده صحيح. وأخرجه البخاري (3159) في الجزية: باب الجزية والموادعة، من طريق المعتمر بن سليمان عن سعيد بن عبيد الله الثقفي، عن بكر بن عبد الله المزني وزياد بن جبير، عن جبير بن حية، قال: بعث عمر الناس في أفناء الأمصار يقاتلون المشركين. فأسلم الهرمزان، فقال: إني مستشيرك في مغازي هذه، قال: نعم. مثلها ومثل من فيها من الناس، من عدو المسلمين، مثل طائر له رأس، وله جناحان وله رجلان، فإن كسر أحد الجناحين نهضت الرجلان بجناح والرأس، فإن كسر الجناح الآخر نهضت الرجلان والرأس. وإن شدخ الرأس ذهبت الرجلان والجناحان والرأس. فالرأس كسرى، والجناح قيصر، والجناح الآخر فارس. فمر المسلمين فلينفروا إلى كسرى.
وقال بكر وزياد جميعا عن جبير بن حية، قال: فندبنا عمر، واستعمل علينا النعمان بن مقرن، حتى إذا كنا بأرض العدو، وخرج علينا عامل كسرى في أربعين ألفا، فقام ترجمان فقال: ليكلمني رجل منكم. فقال المغيرة: سل عما شئت. قال: ما أنتم. قال: " نحن أناس من العرب، كنا في شقاء شديد وبلاء شديد، نمص الجلد والنوى من الجوع، ونلبس الوبر والشعر، ونعبد الشجر والحجر. فبينا نحن كذلك إذ بعث رب السماوات ورب الأرضين - تعالى ذكره وجلت عظمته - إلينا نبيا من أنفسنا، نعرف أباه وأمه. فأمرنا نبينا، رسول ربنا، صلى الله عليه وسلم، أن نقاتلكم حتى تعبدوا الله وحده، أو تؤدوا الجزية. وأخبرنا نبينا، صلى الله عليه وسلم، عن رسالة ربنا أنه من قتل منا صار إلى الجنة في نعيم لم ير مثلها قط، ومن بقي منا ملك رقابكم " كما أخرجه (7530). ارجع إلى ما قاله في شرحه الحافظ ابن حجر في " الفتح " 6 / 259 وما بعدها.
(٤٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 400 401 402 403 404 405 406 407 408 409 410 ... » »»