وتظهر براعة الذهبي في النقد والتحقيق في كثير من هذه المختصرات، فمن ذلك مثلا ما ظهر في مختصره لكتاب " المستدرك على الصحيحين " لأبي عبد الله الحاكم النيسابوري المتوفى سنة 405 ه الذي قصد فيه مؤلفه أن يورد أحاديث على شرط البخاري ومسلم مما لم يذكراه في صحيحيهما، حيث يتبين لنا من مطالعة المختصر وتعليقات الذهبي عليه وتخريجاته ونقده أنه لم يصحح من أحاديث الكتاب سوى النصف، وبين أن نصف النصف الآخر يصح سنده وإن كان فيه علة، أما الربع الأخير فهو أحاديث مناكير وواهيات لا تصح، بل إن في بعضها أحاديث موضوعة (1). وهذا يعني أن الذهبي قد أعاد دراسة جميع أحاديث المستدرك مجددا ونقدها، فخرج بهذه النتيجة.
وغالبا ما يقوم الذهبي بتخريج الأحاديث الواردة في الكتب التي يقوم باختصارها، فغالب التخريج في كتاب " تلخيص العلل المتناهية في الأحاديث الواهية " الذي لخصه من كتاب " العلل " لابن الجوزي المتوفى سنة 597 ه هو من كلام الذهبي (2). ولما اختصر الذهبي كتاب " السنن الكبرى " للبيهقي المتوفى سنة 458 ه. تكلم على أسانيد الكتاب بنفائس تدل على تبحره بهذا الفن، ووضع رموزا على الحديث لمن خرجه من أصحاب الصحيحين والسنن الأربع، وخرج الأحاديث التي لم ترد في هذه الكتب الستة.
وكثيرا ما كان الذهبي يخرج تراجم الكتب التي يختصرها في علم الرجال.