الرصافة هذا في أدناه، وهذا في أقصاه، وكان عافية أكثرهما دخولا على المهدي.
وبه، قال (1): أخبرنا علي بن المحسن القاضي، قال: أخبرني أبي، قال: حدثني أبو الحسين علي بن هشام الكاتب، قال: حدثنا أبو عبد الله أحمد بن سعيد مولى بني هاشم، وكان يكتب ليوسف القاضي قديما، قال: حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، عن أشياخه، قال:
كان عافية القاضي يتقلد للمهدي القضاء بأحد جانبي مدينة السلام، مكان ابن علاثة، وكان عافية عالما زاهدا فصار إلى المهدي في وقت الظهر، في يوم من الأيام وهو خال، فاستأذن عليه، فأدخله، فإذا معه قمطره (2)، فاستعفاه (3) من القضاء، واستأذنه في تسليم القمطر إلى من يأمر بذلك، فظن بعض الأولياء، قد غض منه، أو أضعف يده في الحكم، فقال له في ذلك، فقال: ما جرى من هذا شئ، قال:
فما سبب استعفائك؟ فقال: كان يتقدم إلي خصمان موسران وجيهان منذ شهرين في قضية معضلة مشكلة، وكل يدعي بينة وشهودا، ويدلي بحجج تحتاج إلى تأمل وتثبت، فرددت الخصوم، رجاء أن يصطلحوا، أو يعن لي وجه فصل ما بينهما، قال: فوقف أحدهما من خبري على أني أحب الرطب السكر، فعمد في وقتنا وهو أول أوقات الرطب إلى أن جمع رطبا سكرا، لا يتهيأ في وقتنا جمع مثله إلا لأمير المؤمنين، وما رأيت