وقال هلال بن العلاء الرقي، عن القاسم بن منصور، عن عمر ابن بكير: مر إياس بن معاوية، فسمع قراءة من علية (1) فقال: هذه امرأة حامل بغلام. فقيل له، فقال: سمعت صوتها ونفسها يخالطه، فعلمت أنها حامل، وسمعت صوتا صحلا، فعلمت أنه غلام. ومر بعد حين بكتاب فيه صبيان، فنظر إلى صبي منهم، فقال: هذا ابن بلك المرأة. وكان يوما جالسا في المسجد، فدخل من بابه ثلاث نسوة فقال: الأولى ثكلى، والثانية: حبلى، والثالثة: حائض، فسئل عنهن فكان كما قال. فقال: رأيت الأولى تنظر إلى الاحداث، وترد طرفا كليلا، فعلمت أنها ثكلى، ورأيت الثانية تمشي وتعتمد على وركها الأيسر، فعلمت أنها حبلى، ورأيت الثالثة تريد الدخول إلى المسجد وتهيبت، فعلمت أنها حائض.
وقال عمر بن شبة النميري، عن خلاد بن يزيد الأرقط: كان لإياس طريق قد وطئ أمة له تخرج في حوائجه، فولدت غلاما، فشك فيه الرجل، فلم يدعيه، ولم ينكره، وكان على باب الرجل كتاب، وكان الغلام يختلف إلى ذلك الكتاب، فجاء إياس يريد صديقه ذلك، فتصفح وجوه الغلمان، ثم أقبل على ذلك الغلام.
فقال: يا ابن فلان، قم إلى أبيك فأعلمه أني بالباب. فقال معلم الكتاب لإياس: ومن أين علمت يا أبا واثلة أنه ابنه؟ فقال: شبهه فيه أبين من ذاك. فقام المعلم إلى الرجل، فأخبره إياس والغلام، فخرج الرجل بنفسه فرحا بما أخبره المعلم، فقال: يا أبا واثلة، أحق ما قال المعلم لي؟ فقال: نعم شبهه فيك وشبهك فيه أبين من ذاك.
فادعى الرجل الغلام ونسبه إلى نفسه.