الرد على أبي بكر الخطيب البغدادي - ابن النجار البغدادي - الصفحة ١٠٠
كان أبو حنيفة ثقة لا يحدث بالحديث إلا بما يحفظ، ولا يحدث بما لا يحفظ. هذا هو مذهب أبي حنيفة وأصحابه أنه لا يجوز أن يروى حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا ما سمعه وحفظه من حين سمعه إلى حين أداه.
وحدث عن التنوخي إلى أحمد بن الصلت الحماني قال سمعت يحيى بن معين - وهو يسأل عن أبي حنيفة أثقة هو في الحديث؟ - قال: نعم ثقة ثقة، كان والله أورع من أن يكذب، وهو أجل قدرا من ذلك. وهذا الخبر عن أبي حنيفة إنما أوردناه في هذا الموضع لأنه جاء في هذا الباب وليس منه وإنما أوردناه لسياق الكلام. وسيأتي الجواب عن هذا وعما تقدم من صفات أبي حنيفة ومدحه فيما بعد وحدث عن الصيمري إلى أحمد بن عطية قال سئل يحيى بن معين هل حدث سفيان عن أبي حنيفة؟ قال نعم كان أبو حنيفة ثقة صدوقا في الحديث والفقه، مأمونا على دين الله عز وجل.
قلت: (يعنى الخطيب) أحمد بن الصلت هو أحمد بن عطية وكان غير ثقة، وسيأتي حديث أحمد مع بقية الرواة فيما بعد إن شاء الله.
وحدث عن ابن رزق إلى محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال سمعت يحيى بن معين - وسئل عن أبي حنيفة - فقال: كان يضعف في الحديث.
وحدث عن أحمد بن عبد الله الأنماطي إلى أحمد بن سعد بن أبي مريم قال:
وسألته - يعنى يحيى بن معين - عن أبي حنيفة فقال: لا تكتب حديثه.
هذا القول لا يلتفت الناس إليه، قد كتب حديثه ورأيه وسار في الآفاق واجمع الناس على أئمة أربعة أبو حنيفة منهم. وما أخذ أحد بقول يحيى ولا بروايته.
وأخبر عن علي بن محمد المالكي إلى عبد الله بن علي بن عبد الله المديني قال:
وسألته - يعنى أباه - عن أبي حنيفة صاحب الرأي فضعفه جدا وقال لو كان بين يدي ما سألته عن شئ. وروى خمسين حديثا أخطأ فيها.
كان الواجب أن يذكر الأحاديث ويبين خطأ أبي حنيفة فيها هل هو من الطرق أو من الرأي الذي رآه فيها، وأما أن يقول خمسين حديثا من غير ذكرها وتبيين الخطأ فيها فهذا من دلائل التحامل والافتراء، والعجب من اقتصاره على خمسين حديثا.
(١٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 ... » »»