غير محتشمة وتلقمنا وتصنع بين أيدينا ثم غسلنا أيدينا فقالت لها الخيزران من وراءك مما تغتنين (1) به فقالت ما خارج هذه الدار أحد من خلق الله بيني وبينه سبب فقالت الخيزران إن كان هذا هكذا فقومي بنا حتى تختاري لنفسك مقصورة من مقاصيرنا وأحول إليها جميع ما تحتاجين إليه ثم لا نفترق حتى يفرق بيننا الموت فقامت وطفنا بها في المقاصير (2) فاختارت أوسعها وأنزهها ولم نبرح حتى حول إليها جميع ما تحتاج إليه من الفرش والكساء والخزائن والرقيق ثم جعلناها فيها وخرجنا عنها فقالت الخيزران إن هذه المرأة قد كانت فيما كانت فيه وقد مسها ضر وليس يغسل ما في قلبها إلا المال فاحملوا إليها خمسمائة ألف درهم فحملت إليها ووافانا المهدي فسألنا عن الخبر فحدثته حديثها وما لقيتها به فوالله ما أنتظر أن أعرفه الجواب حتى وثب في وجهي مغضبا فقال زينب الله إن هذا مقدار شكرك لله على نعمته وقد أمكنك الله من مثل هذه المرأة على هذه الحال التي هي عليها فوالله لولا محلك من قلبي لحلفت أن لا أكلمك أبدا قالت فقلت قد اعتذرت إليها ورضيت ثم قصصت عليه قصتها كلها وما فعلت الخيزران بها فقال لخادم كان معه احمل إليها مائة بدرة (3) وأدخل إليها أبلغها مني السلام وقل لها والله ما سررت من دهري مثل سروري اليوم بمكانك وأنا أخوك ومن يوجبك حقك فلا تدعي حاجة إلا سألتها ولولا أني أكره أن أحشمك لصرت إليك مسلما عليك وقاضيا لحقك فمضى الخادم بالمال والرسالة فأقبلت إلينا معه فسلمت على المهدي وشكرت له فعله وأثنت على الخيزران عنده وقالت ما علي من أمير المؤمنين حشمة أنا في عدة حرمه وقعدت ساعة ثم قامت (4) إلى منزلها، فحلقها عند الخيزران كأنها لم تزل في ذلك القصر فهذا الحديث خير لك من كتاب وقد وهبت لك كتابا قم فانصرفت من عندها
(١٢٦)