وقيل إنها لم تزل تردد هذه الأبيات أياما وتندبه بها حتى ماتت بعده بأيام قلائل وبلغني عن أبي الحسن محمد بن العباس بن أحمد بن الفرات عن أخيه أبي القاسم عبيد الله بن العباس عن أبي عبد الله محمد بن العباس اليزيدي قال قرأت على أبي العباس أحمد بن يحيى عن من ذكره عنه قال مر بوادي القرى ركب يريدون البلقاء فسألوا من الميت فقيل عروة بن حزام فقال بعضهم لبعض أما والله لنأتين عفراء بما يسوؤها فساروا حتى إذا مروا بمنزلها مروا ليلا فصاح صائح بأعلى صوته ألا أيها القصر المغفل أهله * إليكم نعينا عروة بن حزام * فسمعت عفراء الصوت ففهمته ونادته بهم * ألا أيها الركب المخبون (1) ويحكم * أحقا نعيتم عروة بن حزام فقال بعضهم نعم قد دفناه بأرض بعيدة * مقيم بها في سبسب وآكام * فقالت فإن كان حقا ما تقولون فاعلموا * بأن قد نعيتم بدر كل ظلام نعيتم فتى يسقي الغمام بوجهه * إذا هي أمست غير ذات غمام فلا نفع الفتيان بعدك لذة * ولا ما لقوا من صحة وسلام ولا لبس الصيفان بعدك لابس * ولا حممت (2) بعد الحبيب حمام وبتن الحبالى لا يرجين غائبا * ولا فرحات بعده بغلام * ثم أقبلت على زوجها فقالت يا هناه إنه قد كان من أمر ذلك الرجل ما قد بلغك والله ما كان إلا على الحسن الجميل وقد بلغني أنه مات قبل أن يصل إلى أهله فإن رأيت أن تأذن لي فأخرج في نسوة من قومه فنندبه ونبكي عليه فعلت فاذن لها فخرجت تنوح بهذه الأبيات * ألا أيها الركب المخبون (3) ويحكم حتى ماتت
(٢٨٨)