فورد الكتاب بأن أضرب بالسوط ويقطع لساني ففعل بي ذلك وخليت فكنت آوي في مسجد عمر رضي الله عنه في المئذنة (1) فبعد أسبوع رأيت النبي (صلى الله عليه وسلم) في المنام فتفل في فمي فانتبهت ببرد ريق رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وقد زال عني ألم القطع والضرب فقمت وتطهرت للصلاة وصليت ركعتين وعدت إلى المئذنة فأذنت الصلاة خير من النوم فأخذني الأعوان وردوني إلى الحبس وقيدت وحبست وكتب إلى السلطان في سببي ثانية فورد الكتاب يقطع لسانه رجل ذمي ويضرب خمس مئة سوط ويصلب بالحياة (2) أو يموت على الخشبة ففعل بي ذلك فرأيت لساني على بلاط سوق الحذائين مثل الرئة وكان شتاء شديد وجليد (3) فصلبت في سوق الحذائين فما كان يمر بي أعظم من وقوع الجليد على آثار الضرب كان أعظم علي مر الضرب والقطع فأقمت ثلاثة أيام فهدأ أنيني وعهدي بالحذائين يقولون نمضي إلى الوالي ونعرفه (4) أن الرجل مات ونحن نخشى أن ينفجر في السوق فلا يقدر أحد أن يعبر فلعله يخرجه فيصلبه برا البلد فمضى جماعة إلى الوالي وكان الوالي يومئذ جيش بن صمصامة (5) فقال احملوه على نعش واتركوه على باب داود يحمله من أراد من أصحابه ويكفنه ويصلي عليه قال فألقوني على باب داود وعندهم أني ميت فقوم يجوزون بي فيلعنوني وأنا أسمع وقوم يترحمون علي إلى العشاء الآخرة فلما كان بعد العشاء جاءني أربعة أنفس فحملوني على نعش مثل السرقة ومضوا بي إلى دار رجل صالح من أهل القدس من أهل القرآن والستر كي يغسلوني ويكفنوني ويصلوا علي فلما صرت في الدار أشرت إليهم فلما رأوا في الحياة حمدوا الله تعالى فكان يصلح لي الحريرة (6) بدهن اللوز والسكر البياض أسبوعا وأنا على حالة قد يئست من نفسي وكل صالح في البلد يجئ إلي ويفتقدني فلما كان بعد ذلك رأيت النبي (صلى الله عليه وسلم) في المنام والعشرة (7) معه فالتفت
(١٣٧)