وفي رواية كنت جالسا في حلقة بمسجد المدينة فأقبل رجل لا تراه حلقة إلا فروا حتى انتهى إلى الحلقة التي كنت فيها ففروا وثبت فقلت من أنت فقال أنا أبو ذر صاحب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قلت فيما يفر الناس منك قال إني أنهاهم عن الكنوز قلت فإن أعطيتنا قد بلغت وارتفعت أفتخاف علينا منها قال أما اليوم فلا ولكن يوشك أن يكون أثمان دينكم فإذا كان أثمان دينكم فدعوهم وإياها وقال (1) قدمت المدينة فبينما أنا في حلقة فيها ملأ من قريش إذ جاء رجل أخشن الثياب أخشن الجسد أخشن الوجه فقام عليهم فقال بشر الكنازين برضف (2) يحمى عليهم في نار جهنم فيوضع على حلمة ثدي أحدهم حتى يخرج من نغض (3) كتفه ويوضع على نغض كتفه حتى يخرج من حلمة ثديه يتجلجل قال فوضع القوم رؤوسهم فيما رأيت أحدا منهم رجع إليه (4) شيئا فأدبر فتبعته حتى جلس إلى سارية فقلت ما رأيت هؤلاء إلا كرهوا ما قلت لهم فقال إن هؤلاء لا يعقلون شيئا إن خليلي أبا القاسم دعاني فقال يا أبا ذر فأجبته فقال ترى أحدا فنظرت ما علي من الشمس وأنا أظنه يبعث بي في حاجة له فقلت أراه فقال ما يسرني أن لي مثله ذهبا أنفقه كله إلا ثلاثة دنانير ثم هؤلاء يجمعون الدنيا لا يعقلون شيئا فقلت ما لك ولإخوانك قريش لا تعتريهم وتصيب منهم قال لا وربك ما أسألهم دنيا ولا أستفتيهم عن دين حتى ألحق بالله ورسوله [* * * *] قال مالك بن أوس بن الحدثان (5) قدم أبو ذر من الشام فدخل المسجد وأنا جالس فسلم علينا وأتى سارية فصلى ركعتين تجوز فيهما ثم قرأ " ألهاكم التكاثر " حتى ختمها واجتمع الناس عليه فقالوا له يا أبا ذر حدثنا ما سمعت من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال لهم سمعت حبيبي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول في الإبل صدقتها وفي البقر صدقتها وفي البر صدقة من (6) جمع دينارا أو
(١٩٥)