تكن مع أن الله تعالى قال " لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون " (1) وإن هذا الجمل كان مما أحب من مالي فأحببت أن أقدمه لنفسي (2) أخبرنا والدي الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن رحمه الله قال أخبرنا أبو غالب أحمد بن الحسن بقراءتي عليه عن أبي إسحاق إبراهيم بن عمر البرمكي أنا محمد بن العباس بن حيوية أنا أبو الحسن الساجي أنا أبو علي الفقيه نا محمد بن سعد (3) نا سليمان بن حرب نا أبو هلال نا قتادة عن سعيد بن أبي الحسن أن أبا ذر كان عطاؤه أربعة آلاف فكان إذا أخذ عطاءه دعا خادمه فسأله عما يكفيه للسنة فاشتراه ثم اشترى فلوسا مما بقي وقال إنه ليس من وعاء ذهب (4) أو فضة يوكى عليه إلا وهو يتلظى على صاحبه أخبرنا أبو غالب (5) أنا أبو محمد الجوهري أنبأ أبو عمر بن حيوية وأبو بكر بن إسماعيل قالا ثنا يحيى بن محمد بن صاعد نا الحسين بن الحسن أنا عبد الله بن المبارك (6) أنبأ معمر عن يحيى بن أبي كثير عن رجل من أهل الشام أنه دخل على أبي ذر وهو يوقد تحت قدر له من حطب قد أصابه مطر ودموعه تسيل فقالت له امرأته لقد كان لك عن هذا مندوحة فلو شئت (7) لكفيت (8) فقال فأنا أبو ذر وهذا عيشي فإن رضيت وإلا فتحت كنف الله قال فكأنما ألقمها حجرا حتى إذا أنضج ما في قدره جاء بصحفة فكسر فيها خبز له غليظا ثم جاء بالذي كان في القدر فكدره عليه ثم جاء به إلى امرأته فقال لي ادن فأكلنا (10) جميعا (11) ثم أمر جاريته أن تسقينا فسقتنا
(٢٠٦)