حتى تسمعين (1) له ذكرا أحي ولدي أو قد أكلته الدواب ونسيت الذي كان وعدها فيه " فبصرت به " أخته " عن جنب وهم لا يشعرون " (2) والجنب أن يسمو بصر الإنسان إلى الشئ البعيد وهو إلى جنبه لا يشعر به فقالت من الفرح حين أعياهم الظؤارات أنا " أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون " (3) فأخذوها وقالوا لها ما يدريك ما نصحهم له هل تعرفونه حتى شكوا في ذلك وذلك من الفتون يا ابن جبير قالت نصحهم له وشفقتهم عليه لرغبتهم في صهر الملك ورجاء منعته (4) فأرسلوها فانطلقت إلى أمها فأخبرتها الخبر فجاءت أمه فلما وضعته في حجرها نزا (5) إلى ثديها فمصه حتى امتلأ جنباه ريا وانطلق البشير إلى امرأة فرعون يبشرونها إنا قد وجدنا لابنك ظئرا فأرسلت إليها فأتيت بها فلما رأت ما يصنع بها قالت فامكثي عندي ترضعين ابني هذا فإني لم أحب حبه شيئا قط قالت أم موسى لا أستطيع أن أدع بيتي وولدي فيضيع فإن طابت نفسك أن تعطينيه فأذهب به إلى بيتي فيكون معي لا آلوه خيرا فعلت وإلا فإني غير تاركة بيتي وولدي وذكرت أم موسى ما كان الله وعدها فيه فتعاسرت على امرأة فرعون وأيقنت أن الله منجز وعده فرجعت إلى بيتها بابنها من يومها فأنبته الله نباتا حسنا وحفظه لما قد قضى فيه فلم يزل بنو إسرائيل وهم في ناحية القرية مجتمعين يمتنعون (6) به من السخرة والظلم ما كان فيهم فلما ترعرع قالت امرأة فرعون لأم موسى أريني ابني فوعدتها يوما تريها فقالت امرأة فرعون لخزانها وظؤرتها وقهار متها (7) لا يبقى أحد منكم اليوم إلا استقبل ابني بهدية وكرامة لأرى ذلك فيه وأنا باعثة أمينا يحصي ما يصنع كل إنسان منكم فلم تزل الهدايا والكرامة والنحل (8) تستقبله من حين خرج من بيت أمه إلى أن دخل بيت امرأة فرعون فلما دخل عليها نحلته وأكرمته وفرحت به وأعجبها ونحلت أمه لحسن أثرها عليه ثم قالت لآتين به فرعون فلينحلنه وليكرمنه فلما دخل به عليه جعله في حجره فتناول موسى لحية فرعون فمدها إلى الأرض فقال الغواة من أعداء الله لفرعون ألا ترى ما وعد الله إبراهيم نبيه
(٨٣)