الملك لا تغضب ولا يشقق عليك فإنه صبي صغير لا يعقل جربه إن شئت اجعل في هذا الطست (1) جمرا وذهبا فانظر على أيهما يقبض فأمر فرعون بذلك فلما مد موسى يده ليقبض على الذهب قبض الملك الموكل به على يده فردها إلى الجمرة فقبض عليها موسى فألقاها في فيه ثم قذفها حين وجد حرارتها فقالت آسية لفرعون ألم أقل لك إنه لا يعقل شيئا فكف عنه فرعون وصدقها وكان أمر بقتله ويقال إن العقدة التي كانت في لسان موسى أثر تلك الجمرة التي التقمها (2) أنبأنا أبو تراب حيدرة بن أحمد وأبو الوحش سبيع بن المسلم قالا أنا أبو بكر الخطيب أنا أبو الحسن بن رزقويه أنا أحمد بن سندي نا الحسن بن علي نا إسماعيل بن عيسى أنا إسحاق بن بشر قال وأخبرني مقاتل وجويبر عن الضحاك عن ابن عباس أنه قال إن أم موسى لما رأت إلحاح فرعون في طلب الولدان خافت على ابنها فقذف الله في نفسها أن تتخذ له تابوتا ثم تقذف بالتابوت في اليم فذلك قوله " أن اقذفيه (3) في التابوت فاقذفيه في اليم " (4) قال ابن عباس في هذه الآية " اقذفيه في اليم " يعني البحر وهو النيل " فليلقه اليم " وهو النيل " بالساحل يأخذه عدو لي وعدو له " يقول الله " فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا " (5) لرجالهم (6) " وحزنا " على نسائهم إذ أهلك أزواجهن وأبناءهن (7) وصرن خولا لبني إسرائيل كما كن نساء بني إسرائيل للقبط فانطلقت أم موسى إلى رجل نجار من أهل مصر من قوم فرعون فاشترت منه تابوتا صغيرا فقال لها النجار ما تصنعين بهذا التابوت قالت ابن لي أخبأه في التابوت وكرهت أن تكذب قال ولم قالت أخشى عليه كيد فرعون فلما اشترت منه التابوت وحملته وانطلقت به انطلق النجار إلى أولئك الذباحين ليخبرهم بأمر أم موسى في التابوت فلما هم بالكلام أمسك الله لسانه فلم يطق الكلام وجعل يشير بيده فلم يدر الأمناء ما يقول فلما أعياهم أمره قال كبيرهم لبعض أعوانه اضربوا هذا المصاب قال فضربوه من كل مكان حتى أخرجوه فلما انتهى
(٢٠)