جلس في مجلسه على شاطئ النيل فبصر بالتابوت فقال لمن حوله من خدمه ائتوني بهذا التابوت فأتوه به فلما وضع بين يديه فتحوه فوجد فيه موسى فلما نظر إليه فرعون قال عبراني من الأعداء فغاظه ذلك وقال كيف أخطأ هذا الغلام الذبح وكان فرعون قد استنكح امرأة من بني إسرائيل يقال لها آسية بنت مزاحم (1) وكانت من خيار النساء ومن بنات الأنبياء وكانت أما للمسلمين ترحمهم وتتصدق عليهم وتعطيهم ويدخلون عليها فقالت لفرعون وهي قاعدة إلى جنبه هذا الوليد أكبر من ابن سنة وإنما أمرت أن تذبح الغلمان لهذه السنة فدعه يكن " قرة عين لي ولك لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا وهم لا يشعرون " (2) بأن هلاكهم على يديه فاستحياه فرعون وومقه وألقى الله عليه محبته ورأفته وقال لامرأته عسى أن ينفعك فأما أنا فلا أريد نفعه قال وهب قال ابن عباس لو أن عدو الله قال في موسى كما قالت آسية عسى أن ينفعنا لنفعه الله به ولكنه أبى للشقاء الذي كتبه الله عليه وحرم الله المراضع على موسى ثمانية أيام ولياليهن كلما أتي بمرضعة لم يقبل ثديها فرق فرعون إليه ورحمه وطلب له المراضع وذكر وهب حزن أم موسى وبكاءها عليه حتى كادت أن تبدي به (3) ثم تداركها الله برحمته وربط على قلبها (4) وقالت لأخته (5) تنكري واذهبي مع الناس فانظري ماذا يفعلون به فدخلت أخته مع القوابل على آسية بنت مزاحم فلما رأت وجدهم بموسى وحبهم له ورقتهم عليه قالت " هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون " (6) إلى أن رد إلى أمه فمكث موسى عند أمه إلى أن فطمته ثم ردته فنشأ موسى في حجر فرعون وامرأته ير بيانه بأيديهما واتخذاه ولدا فبينا هو يلعب يوما بين يدي فرعون وبيده قضيب له يلعب به إذ رفع القضيب فضرب به رأس فرعون فغضب فرعون وتطير من ضربه حتى هم بقتله فقالت آسية أيها
(١٩)