أما الهجاء فدق عرضك دونه * والمدح عنك كما علمت جليل فاذهب فأنت طليق عرضك إنه * عرض عززت به وأنت ذليل * قرأت بخط أبي محمد عبد العزيز بن أحمد مما نقله من كتاب أبي محمد الفرغاني (1) وقد لقي من حدثه عنه حدثني أبو بكر الدينوري قال لما كان وقت صلاة الظهر من يوم الاثنين الذي توفي في آخره طلب ماء ليجدد طهارة لصلاة الظهر فقيل له توخر الظهر لتجمع بينها وبين العصر فأبى وصلى الظهر مفردة والعصر في وقتها أتم صلاة وأحسنها وحضر وقت موته جماعة من أصحابه منهم أبو بكر بن (2) كامل فقيل له قبل خروج روحه يا أبا جعفر أنت الحجة فيما بيننا وبين الله عز وجل فيما ندين به فهل من شئ توصينا به من أمر ديننا وبينه لنا نرجو به (3) السلامة في معادنا فقال الذي أدين الله به أوصيكم هو ما بينت (4) في كتبي فاعملوا به وعليه وكلاما (5) هذا معناه وأكثر التشهد وذكر الله عز وجل ومسح يده على وجهه وغمض بصره بيده وبسطها وقد فارقت روحه جسده وكان عالما زاهدا فاضلا ورعا وكان مولده بآمل سنة أربع وعشرين ومائتين ورحل منها لما ترعرع وحفظ القرآن وكتب الحديث لطلب العلم واشتغل به عن سائر أمور الدنيا وآثر دار البقاء على دار الفناء ورفض الأهل والأقرباء وكتب فأكثر وسافر فأبعد وسمح له أبوه في أسفاره وشكره على أفعاله وكان أبوه طول حياته يمده بالشئ بعد الشئ إلى البلدان التي يقصدها فيقتات به فسمعته يقول أبطأت عني نفقة والدي واضطررت إلى أن فتقت كمي قميصي فبعتهما وأنفقته إلى أن لحقتني فاطلع الله على نيته ومقصده فأعانه بتوفيقه وأرشده إلى ما قصد له بتسديده فابتدأ بعد ما أحكم ما أمكنه إحكامه من علم القرآن والعربية والنحو ورواية شعر الجاهلية والإسلام ومسند حديث للنبي (6) (صلى الله عليه وسلم) من طرقة وما روي عن الصحابة والتابعين من علم الشريعة وعلم اختلاف علماء الأمصار وعللهم وكتب أصحاب الكلام وحججهم
(٢٠٣)