واستخلف موضعه على قضاء صيدا رجل يعرف بابن عيسى (1) فخرج إلى صيدا من قبل أبي عبد الله محمد بن بن الوليد قاضي دمشق في يوم الثلاثاء لثلاث وعشرين ليلة مضت من رجب 6111 محمد بن إسماعيل أبو بكر الفرغاني (2) أحد مشايخ الصوفية من أستاذي أبي بكر الدقي (3) وكان من مجتهدي أهل التصوف في العبادة وخلو اليد من العلوم حكى عن أبي الحارث الفيض بن الخضر الأولاسي حكى عنه أبو بكر محمد بن داود الدقي وأبو بكر الهلالي أخبرنا أبو الفتح نصر الله بن محمد الفقيه حدثنا نصر بن إبراهيم أنبأنا أبو نصر أحمد بن عبد الله السلمي أنبأنا أبو الحسن بن جهضم حدثنا أبو بكر محمد بن داود حدثني محمد بن إسماعيل الفرغاني قال سمعت أبا الحارث الأولاسي يقول دخلت مسجد طرسوس فرأيت فتيين جلوسا (4) يتكلمان في علم الألفة وسوء أدب الخلق وحسن صنيع الله تعالى إليهم لدمان نفوسهما فيما يجب الله تعالى عليهما فقال أحدهما لصاحبة يا أخي قد تحدثنا في العلم فتعال حتى نعامل الله تعالى به فيكون لعلمنا فائدة ومنفعة فعزما على أن لا يتناولا شيئا مسته أيدي بني أدم ولا ما للخليقة فيه ضع قال أبو الحارث فقلت وأنا معكما فقالا إن شئت فخرجنا من طرسوس وجئنا إلى جبل لكام (5) فأقمنا فيه ما شاء الله قال أبو الحارث اما أنا فضعفت نفيس وقام العلم بين عيني لئن مت على ما أنت عليه مت ميتة جاهلية فتركت صاحبي ورجعت إلى طرسوس ولزمت ما كنت أعرفه من صلاح نفسي وأقام صاحباي باللكام سنة فلما كان بعد مدة دخلت المسجد فإذا أنا بأحد الفتيين جالسا في المسجد فسلمت عليه فقال يا أبا الحارث خنت الله تعالى في عهدك
(١١٦)