أظهرت مذهب الشافعي وأفتيت (1) به في بغداد عشر سنين وتلقنه مني ابن بشار الأحول أستاذ ابن سريج فلما اتسع علمه أداه اجتهاده وبحثه إلى ما اختاره في كل صنف من العلوم في كتبه إذ كان لا يسعه فيما بينه وبين الله جل وعز إلى الدينونة بما أداه اجتهاده إليه فيما لم ينص عليه من يحب التسليم لأمره فلم يأل نفسه والمسلمين نصحا وبيانا فيما صنفه قال الفرغاني (2) وكتب إلى المراغي قال لما تقلد الخاقاني الوزارة وجه إلى أبي جعفر الطبري بمال كثير فامتنع من قبوله فعرض عليه القضاء فامتنع فعرض عليه المظالم فأبى فعاتبه أصحابه وقالوا لك في هذا ثواب وتحيى سنة قد درست فطمعوا في قبوله المظالم فباكروه ليركب معهم في قبول ذلك فانتهزهم وقال كنت أظن اني لو رغبت في ذلك لنهيتموني عنه ولامهم قال فانصرفنا من عنده خجلين أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم وأبو الحسن علي بن أحمد قالا حدثنا و (3) أبو منصور بن خيرون أنبأنا أبو بكر الخطيب (4) حدثني أبو القاسم الأزهري قال حكى لنا أبو الحسن بن رزقويه عن أبي علي الطوماري قال كنت أحمل القنديل في شهر رمضان بين يدي أبي بكر بن مجاهد إلى المسجد لصلاة التراويح فخرج ليلة من ليالي العشر الأواخر من داره واجتاز على مسجده فلم يدخله وأنا معه وسار حتى انتهى إلى آخر سوق العطش (5) فوقف بباب مسجد محمد بن جرير ومحمد يقرأ سورة الرحمن فاستمع قراءته طويلا ثم انصرف فقلت له يا أستاذ تركت الناس ينتظرونك وجئت تسمع قراءة هذا قال يا أبا علي دع هذا عنك ما ظننت أن الله تعالى خلق بشرا يحسن يقرأ هذه القراءة أو كما قال أخبرنا أبو غالب أحمد بن الحسن بن البنا وابنه أبو القاسم سعيد قالا أنبأنا أبو القاسم عبد الواحد بن علي بن محمد بن فهد العلاف أنبأنا أبو الفتح محمد بن أحمد الحافظ قال (6) وفيما أخبرنا محمد بن علي بن محمد بن سهل المعروف بابن الإمام صاحب محمد ابن جرير الطبري قال سمعت أبا جعفر محمد بن جرير الطبري الفقيه وهو يكلم المعروف
(٢٠٠)