وقال له رجاء بن حياة إن أردت النجاة غدا من عذاب الله فحب للمسلمين ما تحب لنفسك وأكره لهم ما تكره لنفسك وإني لأقول لك هذا وإني لأخاف عليك أشد الخوف يوما (1) تزل فيه الأقدام فهل معك رحمك الله من يأمرك بمثل هذا فبكى هارون بكاء شديدا حتى غشي عليه فقلت ارفق بأمير المؤمنين فقال يا بن أم الربيع تقتله أنت وأصحابك وأرفق به أنا ثم إنه أفاق فقال زدني رحمك الله فقال يا أمير المؤمنين يا حسن الوجه أنت الذي يسألك الله عن هذا الخلق يوم القيامة فإن استطعت أن تقي هذا الوجه من النار فافعل فقال له هارون أعليك دين قال نعم دين لربي لم يحاسبني عليه فالويل لي إن سألني (2) والويل لي إن ناقشني والويل لي إن لم ألهم حجتي فقال إنما أعني دين العباد فقال إن ربي لم يأمرني بهذا أمرني أن أصدق وعده وأطيع أمره فقال عز من قائل " وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين (3) " فقال له هذه ألف دينار فخذها وأنفقها على نفسك وتقو بها على عبادة ربك فقال سبحان الله إنا ندلك على النجاة وأنت تكافئني بمثل هذا سلمك الله ووفقك قال فخرجنا من عنده فبينا نحن على الباب إذا بامرأة من نسائه فقالت له (4) يا عبد الله قد ترى ضيق ما نحن فيه من الحال فلو قبلت هذا المال وفرجتنا به فقال لها مثلي ومثلكم مثل قوم كان لهم بعير يستقون عليه فلما كبر نحروه وأكلوا لحمه فلما سمع هذا الكلام قال نرجع فعسى أن يقبل هذا المال فلما أحس به فضيل خرج إلى تراب في السطح وجلس عليه وجاء هارون حتى جلس إلى جنبه فجعل يكلمه ولا يجيبه بشئ فبينا نحن كذلك إذا بجارية سوداء قد خرجت علينا فقالت قد آذيتم الشيخ منذ الليلة انصرفوا رحمكم الله قال فخرجنا من عنده فقال يا عباسي (5) إذا دللتني على رجل فدلني على مثل هذا فهذا سيد المسلمين قال وقال الفضيل تقرأ في وترك نخلع ونترك من يفجرك ثم تعدو إلى الفاجر فتعامله
(٤٤٢)