ومن يعطيني هذا القدر من المال وعنده من أجده فكان ذلك يسوءه وأعرفه في وجهه فلما كثر هذا من فعله ركبت إليه يوما فقلت له مستخليا به يا أبا العباس إن الناس يدخلون بيني وبينك بما أكره وتكره وعلى ذلك فما أدع نصيحتك وأداء ما يجب علي في الحق لك وقد أراك كثيرا مما ترد على أمير المؤمنين أجوبة غليظة تمرضه وتقدح في قلبه والسلطان لا يحمل هذا لابنه لا سيما إذا كثر ذلك وغلظ قال وما ذاك يا أبا عبد الله قلت أسمعه كثيرا ما يقول لك نحتاج إلى كذا وكذا من المال فنصرفه في وجه كذا وكذا فتقول من يعطيني هذا وهذا ما لا يحتمله الخلفاء قال فما أصنع إذا طلب مني ما ليس عندي قلت تصنع أن تقول نحتال في ذلك بحيلة فتدفع عنك إلى أن يتهيأ وتحمل إليه بعض ما يطلب وتسوفه بالباقي قال نعم أفعل وأصير إلى ما أشرت به قال فوالله لكأني كنت أغريه بالمنع فكان إذا عاود مثل ذلك من القول عاد إلى ما يكره من الجواب قال فلما كثر ذلك عليه دخل يوما عليه وبين يديه حزمة نرجس غض فأخذها المعتصم فهزها ثم قال حياك الله يا أبا العباس فأخذها الفضل بيمينه وسل المعتصم خاتمه من إصبع يساره وقال له بكلام خفي أعطني خاتمي فانتزعه من يده ووضعه في يد ابن عبد الملك كتب إلي أبو نصر بن القشيري أنبأنا أبو بكر البيهقي أنبأنا الحاكم أبو عبد الله قال سمعت أبا منصور يعني محمد بن عبد الله بن حمشاد (1) الأديب يقول سمعت بعض أهل الأدب يذكر أن الفضل بن مروان خرج يوما فرأى مكتوبا في حائط داره * (2) تفرعنت يا فضل بن مروان فاعتبر * فبتلك كان الفضل والفضل والفضل ثلاثة أملاك مضوا لسبيلهم * أبادهم (3) التنكيل والحبس والقتل وإنك قد أصبحت في الناس لعبة * ستودي كما أودى الثلاثة من قبل *
(٣٧٢)