ما لك لا تمشي يستعجله المعتصم ليلحق به فلما كثر ذلك من المعتصم على الهفتي قال له الهفتي مداعبا له كنت أصلحك الله أراني أماشي خليفة ولم أكن أراني أماشي فيجا (1) والله لا أفلحت فضحك ك منها المعتصم وقال ويحك وهل بقي من الفلاح شئ لم أدركه أبعد الخلافة تقول لي هذا فقال له الهفتي أتحسب أنك قد أفلحت الآن إنما لك من الخلافة الاسم والله ما يجاوز أمرك أذنيك وإنما الخليفة الفضل بن مروان الذي يأمر فينفذ أمره من ساعته فقال المعتصم وأي أمر لا ينفذ لي فقال له الهفتي أمرت لي بكذا وكذا منذ شهرين فما أعطيت بما أمرت به منذ ذاك حبة قال فاحتجنها على الفضل المعتصم حتى أوقع به فلما كانت سنة تسع عشرة ومئتين وقيل سنة (2) عشرين ومائتين وذلك عندي خطأ خرج المعتصم يريد القاطول (3) ويريد البناء بسامرا فصرفه كثرة زيادة دجلة فلم يقدر على الحركة فانصرف إلى بغداد إلى الشماسية (4) ثم خرج بعد فلما صار بالقاطول غضب على الفضل بن مروان وأهل بيته في صفر وأمرهم برفع ما جرى على أيديهم وأخذ الفضل وهو مغضوب عليه في عمل حسابه فلما فرغ الحساب لم يناظر وأمر بحبسه وأن يحمل إلى منزله ببغداد وحبس أصحابه وصير مكانه محمد بن عبد الملك الزيات فنفي الفضل إلى قرية في طريق الموصل يقال لها السن فلم يزل بها مقيما فذكر أن المعتصم لما استوزر الفضل بن مروان حل من قلبه (5) المحل الذي لم يكن أحد يطمع في ملاحظته فضلا عن منازعته ولا في الاعتراض في أمره ونهيه وإرادته وحكمه فكانت هذه صفته حتى حملته الدالة وحركته الحرمة على خلافة في بعض ما كان يأمر به ومنعه (6) ما كان يحتاج إليه من الأموال في مهم أموره فذكر عن ابن أبي داود قال كنت أحضر المعتصم وكثيرا ما كنت أسمعه يقول للفضل احمل إلي كذا وكذا فيقول ما عندي فيقول احتلها من وجه فيقول من أين احتالها
(٣٧١)