تاريخ مدينة دمشق - ابن عساكر - ج ٤٧ - الصفحة ٤٠٦
الشئ فإذا أعطيتموه كرهتموه ما أخوفني ان تعبدوا هذه السمكة قال عودي كما كنت بإذن الله قال فعادت مشوية في حالها قال كن أنت يا روح الله أول من يأكل ثم نأكل بعد قال عيسى معاذ الله بل يأكل منها من طلبها وسألها ففرق الحوريون ان تكون انما أنزلت سخطة فيها مثلة فلم يأكلوا ودعا لها عيسى أهل الفاقة والزمانة من العميان والمجذمين والبرص والمقعدين وأصحاب الماء الأصفر والمجانين والمختلين قال كلوا من رزق الله ربكم ودعوة نبيكم فإنه رزق ربكم وتكون المهانة لكم والبلاء لغيركم واذكروا اسم الله وكلوا ففعلوا فصدر عن تلك السمكة والأرغفة والرمانات والبقول الف وثلاثمائة رجل وامرأة بين فقير جائع وزمن ناقة ورفعت السفرة إلى السماء وهم ينظرون إليها واستغنى كل فقير اكل منها يومئذ فلم يزل غنيا حتى مات وبرئ كل زمن من زمانته فلم يزل حتى مات وندم الحواريون وسائر الناس ممن أبى ان يأكل منها حسرة فشابت منها أشفارهم قال فكانت إذا نزلت بعد ذلك أقبلوا إليها صورا من كل مكان يسعون يركب بعضهم بعضا الأغنياء والفقراء والرجال والنساء والضعفاء والأشداء والصغار والكبار والأصحاء والمرضى فركب بعضهم بعضا فلما رأى عيسى بن مريم ذلك جعلها نوبا بينهم قال وكانت تنزل غبا يوما ولا تنزل يوما كناقة ثمود ترعى يوما وترد يوما فلبث بذلك أربعين صباحا تغب يوما وتنزل يوما يؤكل منها حتى إذا فاء الفئ طارت صعدا ينظرون إلى ظلها في الأرض حتى توارى عنهم فأوحى الله إلى عيسى ان اجعل مائدتي رزقا لليتامى والزمني دون الأغنياء من الناس فلما فعل ذلك بهم عظم ذلك على الأغنياء وأذاعوا القبيح حتى شكوا وشككوا فيه الناس فوقعت الفتنة في قلوب المرتدين قال قائلهم يا روح الله وكلمته ان المائدة لحق انها لتنزل من عند الله قال عيسى ويحكم هلكتم سروا للعذاب ان لم يرحمكم الله فأوحى الله تعالى إلى عيسى اني آخذ بشرطي من المكذبين قد اشترطت عليهم اني معذب من كفر منهم " عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين " بعد نزولها " ان تعذبهم فإنهم عبادك وان تغفر لهم فإنك أنت العزيز

1 - في تفسير ابن كثير: ما أخوفني عليكم ان تعاقبوا بما تصنعون.
2 - الأصل: رغيبا.
3 - سورة المائدة الآية: 115.
(٤٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 401 402 403 404 405 406 407 408 409 410 411 ... » »»