تاريخ مدينة دمشق - ابن عساكر - ج ٤٧ - الصفحة ٤٠٢
أردت بما سألتك عنه سوءا فقال عيسى نزلت ما عليها من السماء وليس شئ منها من طعام الدنيا ولا من طعام الآخرة وهي مما ابتدعه الله بالقدرة البالغة فقال كن فكان فقال كلوا مما سألتم واذكروا اسم الله عليه واحمدوا إلهكم واشكروه يزدكم فإنه القادر على ما يشاء إذا شاء فقال الحواريون يا روح الله كن أنت أول من يأكل منها ثم نأكل منها فقال عيسى معاذ الله بل يأكل منها الذي سألها وطلبها وفرق الحواريون ان يكون نزولها سخطة ومثلة فلم يأكلوا منها فدعا عيسى لها أهل الفاقة والزمانة من العميان والمجذمين والمجانين والمخبلين وهذا الضرب من أنواع البلاء من الناس فقال كلوا من رزق ربكم ودعوة نبيكم وآية من ربكم فليكن مهناها لكم وبلاؤها لغيركم فأكلوا فصدر عن تلك السمكة والطعام الف وثلاثمائة من بين رجل وامرأة شباعا يتجشأون من بين فقير جائع وزمن ناقة رغيب ثم نظر عيسى إلى السفرة فإذا كهيئتها حين نزلت من السماء لم ينقص منها شئ ثم رفعت إلى السماء وهم ينظرون إليها صاعدة وينظرون إلى ظلها حتى توارت فاستغنى كل فقير اكل منها حتى مات وبرأ كل مبتلى يومئذ فلم يزل صحيحا غنيا حتى مات قال وندم الحواريون وندم سائر الناس ندامة شابت حواجبهم وأشفار أعينهم فكانت إذا نزلت بعد ذلك أقبلوا إليها من كل مكان يسعون يزاحم بعضهم بعضا الأغنياء والفقراء والرجال والنساء والصغار والكبار وكل صغير ضعيف ومريض يركب بعضهم بعضا حتى جعلها عيسى نوائب فيما بينهم ثم كانت تنزل غبا تنزل يوما ولا تنزل يوما كناقة ثمود ترعى يوما وترد يوما فلبثوا بذلك أربعين صباحا فلا تزال موضوعة يؤكل منها فإذا فاء الفئ ارتفعت صاعدة إلى السماء ثم أوحى الله إلى عيسى ان اجعل مائدتي ورزقي لليتامى والزمني والفقراء دون الأغنياء فتعاظم ذلك عند الأغنياء وأذاعوا القبيح وارتابوا وشكوا فيها ووقعت الفتنة في قلوب المرتابين حتى قال قائلهم يا روح الله وكلمته ان المائدة بحق انها تنزل من عند ربنا فقال عيسى ويلكم هلكتم العذاب نازل بكم الا ان يعفو الله ويرحمكم فأوحى الله إلى عيسى اني آخذهم بالشرط الذي اشترطت اني معذب منهم من كفر بعد نزولها

1 - قسم من اللفظة ذهب من سوء التصوير والمثبت ومثلة عن تفسير ابن كثير.
2 - بالأصل: فدعي.
3 - الزيادة عن تفسير ابن كثير.
4 - الزيادة لازمة للإيضاح عن المختصر.
(٤٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 397 398 399 400 401 402 403 404 405 406 407 ... » »»