تاريخ مدينة دمشق - ابن عساكر - ج ٤٢ - الصفحة ٥٠٦
اسم خاص ولا مصدر يعود الضمير عليه على أصله وذلك مستعمل فصيح فاش في العربية وقد يأتي في مثل هذا فعل أو اسم فاعل يدل على مصدر يعود الضمير إليه دون لفظ جملة من كلام يحمل عليه فأما الفعل الدال على مصدره فكقولهم من كذب كان شرا له أضمر في كان الكذب الذي دل عليه كذب وعاد الضمير إليه وإن لم يأت على تبينه (1) قال الله تعالى " ولا تحسبن الذين يبخلون بما اتاهم الله من فضله هو خيرا لهم بل هو شر لهم " (2) يعني البخل الذي لم يأت على خاص لفظه اكتفاء بدلالة الفعل الذي هو يبخلون عليه وأما اسم فاعل فكقولهم إذا أحسن كما أمر فجازه عليه يريد على إحسانه الذي دل عليه أحسن ورجع عائد الضمير إليه وهذا مثل قول الشاعر (3) إذا نهى السفيه جرى إليه * وخالف والسفيه إلى خلاف أراد إلى السفيه على ما بينا وقد يكتفون في هذا الباب بدلالة العهد والحال وتجلي الأمر الشائع فيه قال الله عز ذكره " ولو يؤاخذ الله الناس يظلمهم ما ترك عليها من دابة " (4) وقال تعالى " ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة " (5) فأعاد الضمير على الأرض ولم يجر لها في هذه القصة ذكر وقال جل ثناؤه " إنا أنزلناه في ليلة القدر " (6) يعني القران وقال " حتى توارت بالحجاب " (7) يعني الشمس في قول جمهور أهل العلم قال الشاعر (8) * هذا مقام قدمي رباح * عدوه حتى دلكت براح * يريد الشمس وقال الله تعالى أصدق القائلين " فأثرن به نقعا فوسطن به جمعا " (9) يريد الوادي أو الموضع أو المكان أو المنزل وهذا الباب واسع وله شرح ليس هذا موضعه وقد أتينا منه هاهنا بما يكفي (10) منه بعضه بل هو جميعه

(١) كذا بالأصل والمطبوعة وفي الجليس الصالح: بنيته.
(٢) سورة آل عمران الآية: ١٨٠.
(٣) البيت في الجليس الصالح ٣ / ٣٨٣ وخزانة الأدب ٢ / ٣٨٣ والخصائص ٢ / ٤٩ ومعاني القرآن للفراء ١ / ١٠٤.
(٤) سورة النحل الآية: ٦١.
(٥) سورة فاطر الآية: ٤٥.
(٦) سور القدر الآية الأولى.
(٧) سور ة ص الآية: ٣٢.
(٨) تاج العروس (برح ربح) ومجاز القرآن 1 / 387 ومجالس ثعلب 373 ونوادر أبي زيد ص 315.
(9) سورة العاديات الآيتان 4 و 5.
(10) رسمها غير واضح وبدون إعجام بالأصل وصورتها: (بلعي) والمثبت عن الجليس الصالح.
(٥٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 501 502 503 504 505 506 507 508 509 510 511 ... » »»