بعثني أبو بكر إلى ملك الروم يدعوه إلى الإسلام ويرغبه فيه ومعي عمرو بن العاص بن وائل السهمي وهشام بن العاص بن وائل السهمي وعدي بن كعب ونعيم بن عبد الله (1) بن النحام فخرجنا حتى قدمنا على جبلة بن الأيهم دمشق فأدخلنا على ملكهم بها الرومي فإذا هو على فرش له مع الأسقف فأجلسنا فبعث إلينا رسوله وسألنا أن نكلمه فقلنا لا والله لا نكلمه برسول بيننا وبينه فإن كان له في كلامنا حاجة فليقربنا منه فأمر بسلم فوضع ونزل إلى فرش له في الأرض بقربنا فإذا هو عليه ثياب سود مسوح (2) فقال له هشام بن العاص بن وائل ما هذه المسوح التي عليك قال لبستها ناذرا أن لا أنزعها حتى أخرجكم من الشام فقلنا قال القاضي وذكر كلاما خفي علي من كتابي معناه بل نملك مجلسك وبعده ملككم الأعظم فوالله لنأخذنه إن شاء الله فإنه قد أخبرنا وذلك نبينا (صلى الله عليه وسلم) الصادق البار قال إذا أنتم السمراء قال قلنا ما السمراء قال لستم بها قلنا (3) ومن هم قال الذين يقومون الليل ويصومون النهار قال فقلنا نحن والله هم قال فقال وكيف صومكم وصلاتكم وحالكم فوصفنا له أمرنا فنظر إلى أصحابه وراطنهم (4) وقال لنا ارتفعوا قال ثم علا وجهه سواد حتى كأنه قطعة مسح من شدة سواده وبعث معنا رسولا (5) إلى ملكهم الأعظم بالقسطنطينية فخرجنا حتى انتهينا إلى مدينتهم ونحن على رواحلنا علينا العمائم والسيوف فقال لنا الذين معنا إن دوابكم هذه لا تدخل مدينة الملك فإن شئتم جئناكم ببراذين وبغال قلنا لا والله لا ندخلها إلا على رواحلنا فبعثوا إليه يستأذنونه فأرسل إليهم أن خلوا سبيلهم ودخلنا على (6) رواحلنا حتى انتهينا إلى غرفة مفتوحة الباب وإذا هو فيها جالس ينظر قال فأنخنا تحتها ثم قلنا لا إله إلا الله والله أكبر فيعلم الله لانتفضت حتى كأنها نخلة تصفقها (7) الريح فبعث إلينا رسولا إن هذا ليس لكم أن تجهروا بدينكم في بلادنا وأمر بنا فدخلنا عليه وإذا هو مع بطارقته وإذا عليه ثياب حمراء وإذا فرشه وما حواليه أحمر وإذا رجل فصيح بالعربية يكتب فأومأ إلينا فجلسنا ناحية فقال لنا وهو يضحك ما منعكم أن تحيوني
(١٥٥)