يفضل إخوته جميعا عليه في النزل والإكرام والملازمة ويريهم تنقصا للنعمان وأنه غير طامع في تمام أمر على يده وجعل يخلو بهم رجلا رجلا فيقول إذا أدخلتم على الملك فالبسوا أفخر ثيابكم وأجملها وإذا دعا لكم بالطعام لتأكلوا فتباطؤا في الأكل وصغروا اللقم ونزروا ما تأكلون فإذا قال لكم أتكفونني العرب فقولوا نعم فإذا قال لكم فإن شد أحدكم على الطاعة وأفسد فتكفوننيه فقولوا لا إن بعضنا لا يقدر على بعض ليهابكم ولا يطمع في تفرقكم ويعلم أن للعرب منعة وبأسا فقبلوا منه وخلا بالنعمان فقال له البس ثياب السفر وادخل متقلدا بسيفك وإذا جلست للأكل فعظم اللقم وأسرع المضغ والبلع وزد في الأكل وتجوع قبل ذلك فإن كسرى يعجبه كثرة الأكل من العرب خاصة ويرى أنه لا خير في العربي إذا لم يكن أكولا شرها ولا سيما إذا رأى طعامه وما لا عهد له بمثله فإذا سألك هل تكفينني العرب فقل نعم فإذا قال لك فمن لي بإخوتك فقل له إن عجزت عنهم فإني عن غيرهم لأعجز (1) قال وخلا ابن مرينا بالأسود فسأله عما أوصاه به عدي فأخبره فقال غشك والصليب والمعمودية وما نصحك ولئن أطعتني لتخالفن كل ما أمرك به ولتملكن ولئن عصيتني ليملكن النعمان ولا يغرنك ما أراكه من الإكرام والتفضيل على النعمان فإن ذلك دهاء فيه ومكر وإن هذه المعدية لا تخلو من مكر وحيلة فقال له إن عديا لم يألني نصحا وهو أعلم بكسرى منك وإن خالفته أوحشته وأفس علي وهو جاء بنا ووصفنا وإلى قوله يرجع كسرى فلما يئس ابن مرينا من قبوله منه قال (2) ستعلم ودعا بهم كسرى فلما دخلوا عليه أعجبه جمالهم وكمالهم ورأى رجالا قلما رأى مثلهم فدعا لهم بالطعام ففعلوا ما أمرهم به عدي فجعل ينظر إلى النعمان من بينهم ويتأمل أكله فقال لعدي بالفارسية إن يكن في أحد منهم خير ففي هذا فلما غسلوا أيديهم جعل يدعو بهم رجلا رجلا فيقول له أتكفيني العرب فيقول نعم أكفيكها كلها إلا إخوتي حتى انتهى إلى النعمان آخرهم فقال له أتكفينني العرب قال نعم قال كلها قال نعم قال فكيف لي بإخوتك قال إن عجزت عنه فأنا عن غيرهم أعجز فملكه وخلع عليه وألبسه تاجا قيمته ستون ألف درهم فيه اللؤلؤ والذهب فلما خرج وقد ملك قال ابن مرينا للأسود دونك عقبي
(١١٧)