تاريخ مدينة دمشق - ابن عساكر - ج ٣٩ - الصفحة ٤٣٣
" ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون " (1) ووالله لأقينكم بنفسي ولأبذلنها دونكم أو تقرنوا لهم وأنتم وذاك وجاء النعمان بن بشير فقال مقالة الحسن ورد عليه مثل ذلك وجاء عبد الله بن الزبير فقال له مثل ذلك وجاء محمد بن طلحة فقال مثل ذلك وجاء أبو الهيثم بن التيهان فقال كيف بت يا أمير المؤمنين قال بخير قال أبو الهيثم بأبي أنت وأمي اصبر ولا تعطي الدنية ولا تهدم سلطان الله وقال متمثلا لعمري لموت لا عقوبة بعده * لذي اللب أشفى من شقا لا يزايله * فعرف الناس أنه لا يعطيهم شيئا وأفرحهم بذلك قالوا ولما قضى عثمان في ذلك المجلس حاجاته وعزم له المسلمون على الصبر والامتناع عليهم بسلطان الله تعالى قال اخرجوا رحمكم الله فكونوا بالباب وليجامعكم هؤلاء الذين حبسوا عني وأرسل إلي علي وطلحة والزبير وعدة أن ادنوا فاجتمعوا وأشرف عليهم فقال يا أيها الناس اجلسوا فجلسوا جميعا المحارب والطارئ والمسالم المقيم فقال يا أهل المدينة إني أستودعكم الله وأسأله أن يحسن عليكم الخلافة من بعدي إني والله لا أدخل على أحدا بعد يومي هذا حتى يقضي الله في قضاءه ولأدعن هؤلاء وما رأوا وإني غير معطيهم شيئا يتخذونه عليكم دخلا في دين أو دنيا وحتى يكون الله الصانع في ذلك ما أحب وأمر أهل المدينة بالرجوع وأقسم عليهم فرجعوا إلا الحسن ومحمدا (2) وابن الزبير وأشباها لهم فجلسوا بالباب عن أمر آبائهم وثاب إليهم أناس ولزم عثمان الدار قالوا (3) وكان الحصر أربعين ليلة والنزول سبعين فلما مضت من الأربعين ثمان عشرة ليلة قدم ركبان من الوجوه فأخبروا خبر من قد تهيأ إليهم من الآفاق حبيب من الشام ومعاوية من مصر والقعقاع من الكوفة ومجاشع من البصرة فعندها حالوا بين الناس وبين عثمان ومنعوه كل شئ حتى الماء وقد كان يدخل عليه بالشئ مما يريد وطلبوا العلل فلم يطلع عليهم علة فعثروا فرموا في داره بالحجارة ليرموا فيقولوا (4) قوتلنا وذلك

(١) سورة النحل، الآية: ١٢٧، وفي الأصل: ولا تكن.
(٢) بالأصل وم و " ز ": ومحمد.
(٣) انظر تاريخ الطبري ٤ / 385.
(4) بالأصل وم و " ز ": فيقولون.
(٤٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 428 429 430 431 432 433 434 435 436 437 438 ... » »»