قالوا فأنت بالخيار إن بذل لك شئ بين أخذه أو تركه قالت لا حاجة لي بشئ من هذا إن كان هذا أوله قالوا فلا بد من أن تنطلقين إليه قالت فإني ما أنهض على كره إلا لواحدة قالوا وما هي قالت أرى وجها هو جناح رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وعضو من أعضائه ثم قامت فحملوها على دابة من دوابه فلما صارت إليه سلمت عليه فرد عليها السلام وقرب مجلسها وقال لها ممن أنت قالت أنا من كلب قال لها فكيف حالك قالت أجد الفائت واستمرية وأهجع أكثر الليل وأرى قرة العين من ولد بار وكنة رضية فلم يبق من الدنيا شئ إلا وقد وجدته واخذته وإنما انتظر أن تأخذني قال ما أعجب أمرك كله قالت قضى علي أول عجبة قال بذلك لنا ما كان في حوائك فرفعت رأسها إلى القيم فقالت هذا ما قلت لك قال عبيد الله وما قالت لك فأخبره فازداد تعجبا وقال خبريني فما ادخرت لبنيك إذا (1) قالت ما قال حاتم طيئ (2) * ولقد أبيت على الطوى وأطلبه * حتى أنال به كريم المأكل * فازداد منها عبيد الله تعجبا وقال أرأيت لو انصرف بنوك وهم جياع ولا شئ عندك ما كنت تصنعين بهم قالت يا هذا لقد عظمت هذه الخبزة عندك وفي عينك حتى أن صرت لتكثر (3) فيها مقالك وتشغل بذكرها بالك اله (4) عن هذا وما أشبهه فإنه يفسد النفس ويؤثر (5) في الحسن فازداد تعجبا ثم قال لغلامه انطلق إلى فنائها (6) فإذا أقبل بنوها فجئني بهم فقالت العجوز أما إنهم لا يأتوك إلا بشريطة قال وما هي قالت لا تذكر لهم ما ذكرته لي فإنهم شباب أحداث تحركهم الكلمة ولا آمن بوادرهم إليك وأنت في هذا البيت الرفيع والشرف العالي فإذا نحن من أشر العرب جوارا فازداد عبيد الله تعجبا وقال سأفعل ما أمرت به فقالت العجوز للغلام انطلق فاقعد بحذاء الجناء الذي رأيتني في ظله فإذا أقبل ثلاثة أحدهم دائم الطرف نحو الأرض قليل الحركة كثير السكون فذاك الذي إذا خاصم أفصح وإذا طلب أنجح والآخر دائم النظر كثير الحذر له أبهة قد كملت من حسبه وأثرت من
(٤٨٩)