إن ابني عبد الملك آثر ولدي عندي وقدرين (1) ما على علمي بفضله فاستبره (2) لي ثم ائتني بعلمه وأدبه وعقله وانظر هل ترى منه ما يشاكل نحوه فإنه شاب قال فخرجت إلى عبد الملك وذكر دخوله عليه وما جرى بينهما إلى أن قال فلما كان في آخر ذلك أتاه غلام له فقال أصلحك الله قد فرغنا مما أمرتنا به فقلت ما هذا الذي فرغ منه قال الحمام أخلاه لي قال قلت لقد كنت أعجبتني ووقعت مني كل موقع حتى سمعت هذه فاسترجع وذكر وقال وما ذلك يا عماه قلت رأيت الحمام ألك هو قال لا قلت فما دعاك إلى أن تطرد عنه غاشيته وتدخل وحدك كأنك تريد بذلك الأبهة فتكسر على صاحب الحمام غلته ويرجع من جاءه متعنتا قال أما صاحب الحمام فإني أرضيه فأعطيه غلة ذلك اليوم قلت هذه نفقة سرف يخالطها كبر فما منعك أن تدخل الحمام مع الناس وأنت كأحدهم قال والذي عظم حقه علي ما يمنعني منه إلا أن رعاعا من الناس يدخلون بغير أزر فكرهت أن أعالين عورة امرئ مسلم وكرهت أدبهم على الأزر فيضعون ذلك على سلطاننا خلصنا الله منه كفافا فقد وعظتني موعظة انتفعت بها فاجعل لي من هذا فرجا قال فقلت له أدخله ليلا إذا رجع الناس إلى رحالهم فلم يدخله أحد فقال لا جرم لا أدخله نهارا ولولا شدة برد بلادنا ما دخلته ليلا ولا نهارا فأقسمت عليك لتكتمن هذه عن أبي فاني مفتيك (3) وإني أكره أن تظل طرفة عين علي من دهره واحدا لعل الأجل يحول دون الرضا مما فيه سخطه قلت له أفرأيت أن سألني هل رأيت منه شيئا نقمت عليه أتأمرني أن أكذب وإنما (4) عقله مع ورعه فقال معاذ الله ولكن قل ولقد رأيت عيبا فأفطنته له فأسرع إلى ما أحببت فإنه لن يسألك عن التفسير لأن الله تعالى قد أعاذه من بحث ما ستر الله عز وجل قال فلم أر شابا ولا واليا مثلهما أخبرنا أبو غالب بن البنا أنا أبو محمد الجوهري أنا أبو عمر بن حيوية أنا يحيى بن محمد بن صاعد أنا الحسين بن الحسن أنا عبد الله بن المبارك أنا حرمله بن عمران حدثني رجل أنه سمع ميمون بن مهران قال
(٤١)