تاريخ مدينة دمشق - ابن عساكر - ج ٣٠ - الصفحة ٣٨٩
ذاك ابن الخطاب لله در أم حملت به ودرت عليه لقد أوجدت به فذبح (1) الكفرة وفتحها (2) وشرد الشرك شذر مذر ويعج الأرض فنجعها (3) حتى فائت أكلها ترأمه ويصدعنها وتصدى له فيأباها وتريده ويصدق عنها ثم فرغ فيها فيئها ثم تركها كما صحبها فأروني ماذا ترتأون وأي يومي أبي تنقمون يوم إقامته إذ عدل فيكم أم يوم ظعنه إذ نظر لكم أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ثم التفتت إلى الناس فقالت سألتكم بالله هل أنكرتم مما قلت شيئا قالوا اللهم لا أخبرنا أبو غالب وأبو عبد الله قالا أنا أبو جعفر المعدل أنا أبو طاهر المخلص نا أحمد بن سليمان نا الزبير بن بكار حدثني رجل عن عبد الرحمن بن موسى بن عبد الله حدثني محمد بن القاسم مولى بني هاشم قال بلغ عائشة أن ناسا يتناولون أبا بكر فبعثت إلى أزفلة منهم فلما حضروا أسدلت أستارها ثم دنت فحمدت الله وأثنت عليه وصلت على نبيها (صلى الله عليه وسلم) وعدلت وقرعت وقالت أبي وما أبيه والله ما تعطوه الأيدي ذاك طود منيف وفرع مديد هيهات كذبت الظنون أنجح والله إذا أكديتم وسبق إذ (4) ونيتم سبق الجواد إذا استولى على الأمد فتى قريش ناشئا كهفها كهلا يفك عانيها ويريش مملقها ويرأب (5) شعثها حتى حليته (6) قلوبها ثم استبشر في دينه فما برحت شكيمته في ذات الله حتى اتخذ بفنائه مسجدا يحيي فيه ما أمات المبطلون وكان والله غزير الدمعة وقيذ الجوارح شجي النشيج فانعصفت (7) إليه نسوان مكة وولدانها يسخرون منه ويستهزئون به " الله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون " وأكبرت ذلك رجالات قريش فحيت له قسيها وفوقت له سهامها وامتثلوه غرضا فما قلوا له صفاة ولا قصفوا له قناة ومر على سيسائه حتى إذا ضرب الدين بجرانه وألقى بركة وأرست أوتاده ودخل الناس فيه

(1) كذا بالأصل وم، وفي مختصر ابن منظور 13 / 113 فديخ.
(2) أي أذلها وقهرها.
(3) أي أنهكها بالحرث والزرع.
(4) عن م وبالأصل: إذا.
(5) بالأصل وم: " وبرأت شعبها " والمثبت عن الرواية السابقة.
(6) بالأصل: " حلته " وفي م: " نكلته " والمثبت عن مختصر ابن منظور 13 / 112.
(7) كذا بالأصل وم، وفي المختصر: فانقصفت.
(٣٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 384 385 386 387 388 389 390 391 392 393 394 ... » »»