الناس ثم قام فخطب خطبة بليغة موجزة ثم قال ما بال قوم يذكرون سيدي قريش وأبوي المسلمين أنا مما قالوا برئ وعلى ما قالوا معاقب ألا والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إنه لا يحبهما إلا مؤمن تقي ولا يبغضهما إلا فاجر ردئ صحبا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) على الصدق والوفاء يأمران وينهيان وما يحاقدان فيما يضعان على رأي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ولا كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يرى بمثل رأيهما رأيا ولا يحب كحبهما أحدا مضى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وهو عنهما راض ومضا والمؤمنون عنهما راضون أمر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أبا بكر بصلاة المؤمنين فصلى بهم سبعة أيام في حياة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فلما قبض الله عز وجل نبيه (صلى الله عليه وسلم) واختار له ما عنده ولاه المؤمنون أمرهم وفوضوا إليه الزكاة لأنهما مقرونتان ثم أعطوه البيعة طائعين غير كارهين أنا أول من سن ذلك من بني عبد المطلب وهو لذلك كاره يود لو أن أحدنا كفاه ذلك وكان والله خير من بقي أرحمه رحمة وأرؤفه رأفة وأثبته ورعا وأقدمه سنا وإسلاما شبهه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بميكائيل رأفة ورقة وبإبراهيم عفوا ووقارا فسار فينا سيرة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حتى مضى على ذلك ثم ولي عمر الأمر من بعده فمنهم من رضي ومنهم من كره فلم يفارق الدنيا حتى رضي به من كان كرهه فأقام الأمر على منهاج النبي (صلى الله عليه وسلم) وصاحبه يتبع آثارهما كتباع الفصيل أمه وكان والله رفيقا رحيما وللمظلومين عزا وراحما وناصرا لا يخاف في الله لومة لائم ثم ضرب الله بالحق على لسانه وجعل الصدق من شأنه حتى كنا نظن أن ملكا ينطق على لسانه أعز بإسلامه الإسلام وجعل هجرته للدين قواما ألقى الله له في قلوب المنافقين الرهبة وفي قلوب المؤمنين المحبة شبهه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بجبريل عليه السلام فظا غليظا على الأعداء وبنوح عليه السلام (1) على طاعة الله تعالى (2) من السراء على معصية الله فمن لكم بمثلهما رضي الله عنهما ورزقنا المضي على سبيلهما فإنه لا يبلغ مبلغهما إلا اتباع آثارهما والحب لهما ألا من أحبني فليحبهما ومن لم يحبهما فقد أبغضني وأنا منه برئ ولو كنت تقدمت إليكم في أمرهما لعاقبت على هذا أشد العقوبة ولكن لا ينبغي أن أعاقب قبل التقدم ألا فمن أتيت به بقولي هذا بعد اليوم فإن عليه ما على المفتري ألا وخير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر ولو شئت سميت الثالث لكم وأستغفر الله لي ولكم
(٣٨٥)