يا أمير المؤمنين أشدهم كان حبا لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأوقاهم له بنفسه فنظر معاوية إلى عمرو وحرك رأسه ثم تمادى في مسألته فقال يا أبا الأسود فأيهم كان أفضلهم عندك قال أتقاهم لربه وأشدهم خوفا لدينه فاغتاظ معاوية على عمرو ثم قال يا أبا الأسود فأيهم كان أشجع قال أعظمهم بلاء وأحسنهم عناء وأصبرهم على اللقاء قال فأيهم كان أوثق عنده قال من أوصى إليه فيما بعده قال فأيهم كان النبي (صلى الله عليه وسلم) صديقا قال أولهم به تصديقا فأقبل معاوية على عمرو فقال لا جزاك الله خيرا هل تستطيع أن ترد مما قال شيئا فقال أبو الأسود يا أمير المؤمنين إني قد عرفت من أين (1) أتيت فهل تأذن لي فيه قال نعم فقل ما بدا لك فقال يا أمير المؤمنين إن هذا الذي ترى هجا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بأبيات من الشعر فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) اللهم إني لا أحسن أن أقول الشعر فالعن عمرا (2) بكل بيت لعنة أفتراه بعد هذا نائلا فلاحا أو مدركا رباحا وأيم الله إن امرأ لم يعرف إلا بسهم أجيل عليه فجال لحقيق أن يكون كليل اللسان ضعيف الجنان مستشعرا للاستكانة مقارنا للذل والمهانة غير ولوج فيما بين الرجال ولا ناظر في تسيطر المقال ان قالت الرجال أصغى وإن قامت الكرام أقعى متعيض لدينه لعظيم دينه (3) غير ناظر في أبهة الكرام ولا منازع لهم ثم لم يزل في دجنة ظلماء مع قلة حياء يعامل الناس بالمكر والخداع والمكر والخداع في النار [* * * *] وقال عمرو يا أخا بني الديل والله إنك لأنت الذليل القليل ولولا ما تمت به من نسب كنانة لاختطفك من حولك اختطاف الأجدل الجدية غير أنك بهم تطول وبهم تصول فلقد أعطيت (4) مع هذا لسانا قوالا سيصير عليك وبالا وأيم الله إنك لأعدى الناس لأمير المؤمنين قديما وحديثا وما كنت قط بأشد عداوة له منك الساعة وإنك لتوالي عدوه وتعادي وليه وتبغيه الغوائل ولئن أطاعني ليقطعن عنه لسانك وليخرجن من رأسك شيطانك فأنت العدو المطرق له إطراق الأفعوان في أصل الشجرة
(١٧٨)