متقدمة والله ما عرفتني قبل هذا اليوم ولا أنا رأيتك واعذر قال فالتفت سليمان إلى الزهري فقال أصاب الشيخ وصدق.
قال سليمان يا أبا حازم ما لنا نكره الموت قال لأنكم أخرتم آخرتكم وعمرتم دنياكم فكرهتم أن تنتقلوا من العمران إلى الخراب قال سليمان صدقت يا أبا حازم كيف القدوم على الله قال أما المحسن فكالغائب يقدم على أهله مسرورا وأما المسئ فكالآبق (1) يقدم على مولاه مخزونا قرأت على أبي محمد السلمي عن أبي محمد التميمي أنا عبد الرحمن بن أبي نصر أنا أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم الأذرعي (2)، نا يحيى بن أيوب بن بادي (3) نا محمد بن أبي فزارة عن الحادث بن حيان عن إسماعيل بن أبي زياد عن محمد بن عجلان المدني قال قدم سليمان بن هشام المدينة حاجا أو معتمرا فقال للزهري يا زهري ها هنا محدث قال نعم أبو حازم الأعرج قال راوية أبي هريرة قال ابعث ائتنا به حتى يحدثنا فبعث فلما جاء قال له سليمان تكلم يا أعرج قال ما للأعرج من حاجة فيتكلم بها ولولا اتقاء شركم ما أتاكم الأعرج فقال سليمان ما ينجينا من أمرنا هذا الذي نحن فيه قال أخذ هذا المال من حله ووضعه في حقه قال ومن يطيق ذلك قال من طلب الجنة وهرب من النار قال سليمان ما بالنا لا نحب الموت يا أعرج قال لأنك جمعت متاعك فوضعته بين عينيك فأنت تكره أن تفارقه ولو قدمته أمامك لأحببت أن تلحق به لأن قلب المرء عند متاعه فعجب منه فقال له الزهري أصلح الله الأمير إنه لجاري منذ عشرين سنة ما جالسته ولا حادثته قال لأني من المساكين يا ابن شهاب ولو كنت من الأغنياء لجالستني وحادثتني قال قرصتني يا حازم قال نعم وأشد من هذا أقرصك قال لقد أتى علينا زمان وإن الأمراء تطلب العلماء فتأخذ مما في أيديهم فتنتفع به وكان في ذلك صلاح للفريقين جميعا فطلبت اليوم العلماء الأمراء وركنوا إليهم واشتهوا ما في أيديهم فقالت الأمراء ما طلبت هؤلاء ما في أيدينا حتى