النيران أهل كفر وضلالة فلا يرضى (1) الله تعالى بما يصنعون وليسوا على دين فلما حضرت الساعة التي ينصرف فيها الغلام انصرفت وانصرفت معه ثم غدونا إليهم فقالوا مثل ذلك وأحسن ولزمتهم فقالوا لي يا سلمان إنك غلام وإنك لا تستطيع أن تصنع ما نصنع فصل ونم وكل واشرب قال فاطلع الملك على صنيع ابنه فركب في الخيل حتى أتاهم في برطيلهم فقال يا هؤلاء قد جاورتموني فأحسنت جواركم ولم تروا مني سوءا فعمدتم إلى ابني فأفسدتموه علي قد أجلتكم ثلاثا فإن قدرت عليكم بعد ثلاث أحرقت عليكم برطيلكم هذا فاحقوا ببلادكم فإني أكره أن يكون مني إليكم سوء قالوا نعم ما تعمدنا مساءتك ولا أردنا إلا الخير فكف ابنه عن إتيانهم فقلت له اتق الله فإنك تعرف أن هذا الدين دين الله وأن أباك ونحن على غير دين إنما هم عبدة النيران لا يعرفون الله ولا تبع آخرتك بدنيا غيرك قال يا سلمان هو كما تقول وإنما أتخلف عن القوم بقياعليهم إن تبعت القوم طلبني أبي في الخيل وقد جزع من إتياني إياهم حتى طردهم وقد أعرف أن الحق في أيديهم قلت أنت أعلم ثم لقيت أخي فعرضت عليه فقال أنا مشتغل بنفسي في طلب المعيشة فأتيتهم في اليوم الذي أرادوا أن يرتحلوا فيه فقالوا يا سلمان قد كنا نحذر فكان ما رأيت اتق الله واعلم أن الدين ما وصيناك (2) به وأن هؤلاء عبدة النيران لا يعرفون الله ولا يذكرونه فلا يخدعنك أحد عن ذلك قلت ما أنا بمفارقكم قالوا إنك لا تقدر أن تكون معنا نحن نصوم النهار ونقوم الليل ونأكل الشجر وما أصبنا وأنت لا تستطيع ذلك قال قلت لا أفارقكم قالوا أنت أعلم قد أعلمناك حالنا فإذا أتيت (3) فاطلب حذاء يكون معك واحمل معك شيئا تأكله فإنك لن تستطيع ما نستطيع نحن قال ففعلت ولقيت أخي فعرضت عليه فأبى فأتيتهم فتحملوا فكانوا يمشون وأمشي معهم فرزق الله السلامة حتى قدمنا الموصل فأتينا بيعة بالموصل فلما دخلوا حفوا بهم وقالوا أين كنتم قالوا كنا في بلاد لا يذكرون الله بها عبدة نيران فطردونا فقدمنا عليكم فلما كان بعد قالوا يا سلمان إن ها هنا قوما في
(٣٩٧)