قالا فسلمنا وقعدنا فقال له زيد يا عبد الله إن هذين لي صديقين (1) ولهما إخاء وقد أحبا أن يسمعا حديثك كيف كان أول إسلامك قال فقال سلمان كنت يتيما من رامهرمز وكان ابن دهقان (2) رامهرمز يختلف إلى معلم يعلمه فلزمته لأكون في كنفه وكان لي أخ أكبر من وكان مستغنيا في نفسه وكنت غلاما فقيرا وكان إذا قام من مجلسه تفرق من يحفظه فإذا تفرقوا خرج فتقنع بثوبه ثم يصعد الجبل فكان يفعل ذلك غير مرة متنكرا قال فقلت أما إنك تفعل كذا وكذا فلم لا تذهب بي معك قال أنت غلام وأخاف أن يظهر منك شئ قال قلت لا تخف قال فإن في هذا الجبل قوما في برطيل (3) لهم عبادة ولهم صلاح يذكرون الله ويذكرون الآخرة ويزعمون أنا عبدة النيران وعبدة الأوثان وأنا على غير دين قلت فاذهب بي معك إليهم قال لا أقدر على ذلك حتى أستأمرهم وأنا أخاف أن يظهر منك شئ فيعلم أبي فيقتلهم فيجري هلاكهم على يدي قال قلت لم يظهر من ذلك شئ فاستأمرهم فأتاهم فقال غلام عندي يتيم فأحب أن يأتيكم ويسمع كلامكم قالوا إن كنت تثق به قال أرجو أن لا يجئ منه إلا ما أحب قالوا فجئ به فقال لي قد استأذنت القوم أن تجئ معي فإذا كانت الساعة التي رأيتني أخرج فيها فائتني ولا يعلم بك أحد فإن أبي إن علم بهم قتلهم قال فلما كانت الساعة التي يخرج تبعته فصعد الجبل فانتهينا إليهم فإذا هم في برطيلهم قال علي وأراه قال هم ستة أو سبعة قال وكأن الروح قد خرجت منهم من العبادة يصومون النهار ويقومون الليل يأكلون الشجر وما وجدوا فقعدنا إليهم فأثنى ابن الدهقان علي خيرا فتكلموا فحمدوا الله وأثنوا عليه وذكروا من مضى من الرسل والأنبياء حتى خلصوا إلى عيسى بن مريم فقالوا بعثه الله وولد لغير ذكر بعثه الله رسولا وسخر له ما كان يفعل من إحياء الموتى وخلق الطير وإبراء الأعمى والأبرص فكفر به قوم وتبعه قوم وإنما كان عبد الله ورسوله ابتلي به خلقه قال وقالوا قبل ذلك يا غلام إن لك ربا وإن لك معادا وإن بين يديك جنة ونارا إليهما (4) تصير وإن هؤلاء القوم الذين يعبدون
(٣٩٦)