ففعل خالد ذلك وتزودوا من الماء ما يكفي الراكب وسار خالد فكلما نزل منزلا نحر من تلك الجزر أربعا ثم أخذ ما في بطونها من الماء فيسقيه الخيل وشرب الناس ما معهم فلما سار إلى آخر المفازة انقطع ذلك عنهم وجهد الناس وعطشت دوابهم فقال خالد للطائي ويحك ما عندك فقال أدركت الري إن شاء الله انظروا هل تجدون عوسجة على الطريق فوجدوها فقال احتفروا في أصلها فاحتفروا فوجدوا عينا غزيرة فشربوا منها وتزودوا قال رافع ما وردت هذا الماء قط إلا مرة واحدة وأنا غلام فقال راجز المسلمين * لله در رافع أنى اهتدى * فوز من قراقر إلى سوى أرض إذا سار بها الجيش بكا * ما سارها قبلك من إنس أرى * قال فخرج خالد من المفازة في بعض الليل فأشرف على البشر (1) على قوم يشربون وبين أيديهم جفنة فيها خمر وأحدهم يتغنى وقد ذهب من الليل بعضه (2) ألا عللاني قبل جيش أبي بكر * لعل منايانا قريب وما ندري ألا عللاني بالزجاج (3) وكررا * علي كميت اللون صافية تجري أظن خيول المسلمين وخالدا * سيطرقكم (4) قبل الصباح من البشر فهل لكم في السير قبل قتاله * وقبل خروج المعصرات (5) من الخدر * فما هو إلا أن فرغ من قوله شد عليه رجل من المسلمين فضرب عنقه فإذا رأسه في الجفنة ثم أقبل خالد على البشر فقتل منهم وأصاب من أموالهم وبقي خالد متعجبا والمسلمون من قوله في وقته وإعجال منيته كأنه ألقي ذلك على لسانه أخبرنا أبو بكر محمد بن شجاع أنا أبو صادق محمد بن أحمد بن جعفر أنا
(١٧)