الحسن بن دريد أخبرني عمي عن ابن الكلبي عن أبيه عن عبد الرحمن المدائني وكان عالما بأخبار قومه قال وحدثنيه ابن مسكين (1) أيضا قالا كان الحارث بن مارية الغساني الجفني مكرما لزهير بن جناب الكلبي ينادمه ويحادثه فقدم على الملك (2) رجلان من بني نهد بن زيد يقال لهما حرق (3) وسهل ابنا رزاح وكان عندهما حديث من أحاديث العرب فاجتباهما الملك ونزلا منه المكان الأثير فحسدهما زهير بن جناب فقال أيها الملك هما والله عين لذي القرنين عليك يعني المنذر الأكبر جد النعمان بن المنذر وهما يكتبان إليه بعورتك وخلل ما يريان منك قال كلا فلم يزل به زهير حتى أوغر صدره وكان إذا ركب بعث إليهما ببعيرين يركبان معه فبعث إليهما بناقة واحدة فعرفا (4) السر فلم يركب أحدهما وتوقف فقال له الآخر فإلا (5) تجللها ويعالوك فوقها * وكيف توقى ظهر ما أنت راكبه * فركبها مع أخيه ومضى بهما (6) فقتلا ثم بحث عن أمرهما بعد ذلك فوجده باطلا فشتم زهيرا وطرده فانصرف إلى بلاد قومه وقدم رزاح أبو الغلامين إلى الملك وكان شيخا مجربا عالما فأكرمه الملك وأعطاه دية ابنيه وبلغ زهيرا مكانه فدعا ابنا له يقال له عامر وكان من فتيان العرب لسانا وبيانا فقال له إن رزاحا قد قدم على الملك فالحق به واحتل في أن تكفينيه وقال له اتهمني عند الملك ونل مني وأثر له آثارا فخرج الغلام حتى قدم الشام فتلطف الدخول على الملك حتى وصل إليه فأعجبه ما رأى منه فقال له من أنت قال أنا عامر بن زهير بن جناب فقال فلا حياك الله ولا حيا أباك الكذوب الغادر الساعي فقال له الغلام نعم فلا حياه الله انظر أيها الملك ما صنع بظهري وأراه آثار الضرب فقبل ذلك منه وأدخله في ندمائه فبينما هو يوما يحدثه إذ قال أيها الملك ما زال أبي مسيئا إلي ولست أدع أن أقول الحق
(١٣٤)