بيدي فأخرجني إلى ناحية الجبان (1) فلما أصحر جلس ثم تنفس ثم قال يا كميل بن زياد احفظ عني ما أقول لك الناس ثلاثة فعالم رباني ومتعلم على سبيل نجاة وهمج رعاع أتباع كل ناعق لم يستضيئوا بنور العلم ولم يلجأوا إلى ركن وثيق العلم خير من المال العلم يحرسك وأنت تحرس المال والعلم يزكو على العمل والمال تنقصه النفقة ومحبة العالم دين يدان الله (2) به، يكسبه الطاعة في حياته وجميل الأحدوثة بعد موته وصنيعة المال تزول بزواله مات خزان الأموال وهم أحياء والعلماء باقون ما بقي الدهر أعيانهم مفقودة وأمثالهم في القلوب موجودة آه إن ها هنا وأشار بيده إلى صدره علما لو أصبت له حملة بل أصبت لقنا (3) غير مأمونين عليه يستعمل آلة الدين بالدنيا ويستظهر بحجج الله على كتابه وبنعمه على بلاده أو مغري بجميع الأموال والإدخار ليسا من وعاة الدين أقرب شبها بهم الأنعام السائمة وكذلك يموت العلم ويموت حاملوه بلى لم والصواب لن تخلو الأرض من قائم لله بحجة كيلا تبطل حجج الله وبيناته أولئك هم الأقلون عددا والأعظمون عند الله خطرا بهم يدفع الله عن حججه حتى يؤدها إلى نظائرهم ويزرعونها في قلوب أشباههم هجم بهم العلم على حقيقة الأمر فاستلانوا ما استوعر منه الجاهلون وصحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلقة بالمحل الأعلى أولئك خلفاء الله في بلاده والدعاة إلى دينه آه شوقا إلى رؤيتهم وأستغفر الله تعالى لي ولكم آمين رب العالمين أخبرنا أبو منصور بن خيرون قال قال لنا أبو بكر الخطيب (4): الحسين بن أحمد بن سلمة أبو عبد الله الأسدي (5) القاضي قرأت في كتاب علي بن أحمد (6) النعيمي بخطه حدثني القاضي أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن سلمة الأسدي المالكي ببغداد ثم ساق عنه حديثا لم يزد عليه
(١٨)