وخرج الحارث حتى أتى بيت المقدس فاختفى فيها وكان أصحاب الحارث يخرجون يلتمسون الرجال يدخلونهم عليه وكان رجل من أهل البصرة قد أتى بيت المقدس فأتاه رجل من أصحاب الحارث فقال له ها هنا رجل متكلم فهل لك أن تسمع من كلامه قال نعم قال الوليد وأهل البصرة يشتهون الكلام قال نعم فانطلق معه حتى دخل على الحارث فأخذ في التحميد قال فسمع البصري كلاما حسنا ثم أخبره بأمره وأنه نبي مبعوث مرسل فقال له إن كلامك حسن ولكن في هذا نظر قال فانظر فخرج البصري ثم عاد إليه فرد عليه كلامه فقال له إن كلامك لحسن وقد وقع في قلبي وقد آمنت بك هذا الدين المستقيم قال فأمر أن لا يحجب قال فأقبل البصري يتردد إليه ويعرف مداخله ومخارجه وأين يهرب وأين يذهب حتى صار من أخص الناس به ثم قال له ائذن لي قال إلى أين قال إلى البصرة أكون أول داعية لك بها قال فأذن له فخرج مسرعا إلى عبد الملك وهو بالصنبرة فلما دنا من سرادقة صاح النصيحة النصيحة فقال أهل العسكر وما نصيحتك قال نصيحة لأمير المؤمنين حتى دنا من أمير المؤمنين فأمر عبد الملك أن يأذنوا له فدخل وعنده أصحابه فصاح النصيحة فقال وما نصيحتك قال أخلني لا يكون عندك أحد قال أخرج من في البيت وكان عبد الملك قد اتهم أهل عسكره أن يكون هواهم معه ثم قال له أدنني فدنا منه وعبد الملك على السرير قال ما عندك قال الحارث فلما ذكر الحارث طرح نفسه من السرير ثم قال أين هو فقال يا أمير المؤمنين إنه ببيت المقدس وقد عرفت مداخله ومخارجه فقص عليه قصته وكيف صنع به فقال أنت صاحبه وأنت أمير بيت المقدس وأمير ما ها هنا فمرني بما شئت قال يا أمير المؤمنين ابعث معي قوما لا يفقهون الكلام فأمر أربعين رجلا من فرغانة فقال انطلقوا مع (1) هذا فما أمركم به من شئ فأطيعوه قال وكتب إلى صاحب بيت المقدس إن فلانا الأمير عليك حتى يخرج فأطعه فيما أمرك به قال فما قدم بيت المقدس أعطاه الكتاب قال فمرني بم شئت قال أجمع لي إن قدرت كل شمعة ببيت المقدس وادفع كل شمعة إلى رجل ورتبهم على أزقة بيت المقدس وزواياه بالشمع فإذا قلت اسرجوا فأسرجوا جميعا قال فرتبهم في أزقة بيت المقدس وفي زواياها
(٤٢٩)