على بعض قالوا إن بلعم بن باعوراء كان ينزل قرية من قرى البلقاء وكان يحسن اسم الله الأعظم وكان متمسكا بالدين وإن موسى لما نزل أر ض كنعان من الشام بين أريحاه وبين الأردن وجبل البلقاء والتيه فيما بين هذه المواضع قال فأرسل إليه بالق الملك فقال إنا قد رهبنا من هؤلاء القوم يعني موسى بن عمران وإنه قد جاز البحر ليخرجنا من بلادنا وينزلها بني إسرائيل ونحن قومك وليس لك بقاء بعدنا ولا خير لك في الحياة بعدنا وأنت رجل مجاب الدعوة فاخرج فادع عليهم فقال بلعم ويلكم نبي الله معه الملائكة والمؤمنون كيف أدعو الله عز وجل عليهم وأنا أعلم من الله ما أعلم وإني لا أدخل في شئ من أموركم فاعذروني فقالوا ما لنا من منزل (1) في هذه الحال فلم يزالوا يترفقون به ويتضرعون إليه قال بعض هؤلاء المسلمين باسنادهم أنه كانت له امرأة أنسب منها يحبها ويطيعها وينقاد لها فدسوا لها (2) هدايا فقبلتها ثم أتوها فقالوا لها قد نزل بنا ما ترين فنحب أن تكلمي بلعام فإنه مجاب الدعوة فيدعو الله عز وجل فإنه لا خير فيه بعدنا فقالت لبلعم إن لهؤلاء القوم حقا وجوارا وحرمة وليس مثلك أسلم جيرانه عند الشدائد وقد كانوا مجملين في أمرك وأنت جدير أن تكافئهم وتهتم بأمرهم فقال لها لولا أني أعلم أن هذا الأمر من الله عز وجل لأجبتهم إلى مرادهم (3) فقالت انظر في أمرهم ولينفعهم جوارك فلم تزل به حتى ضل وغوى وكان الله عز وجل عزم له في أول مرة على الرشد ففتنته فافتتن فركب حمارة فوجهها إلى الجبل الذي يطلعه على عسكر بني إسرائيل فلما سار غير بعيد ربضت به حمارته فنزل عنها فضربها حتى أذلقها فقامت فلم تسر إلا قليلا حتى ربضت ففعل بها مثل ذلك فقامت فلم تسر إلا قليلا حتى ربضت فضربها حتى أذلقها فقامت فأذن لها فكلمته فقالت يا بلعم إني مأمورة فلا تظلمني فقال لها ومن أمرك قالت الله عز وجل أمرني انظر إلى ما بين يديك ألا ترى إلى الملائكة أمامي تردني عن وجهي هذا يقولون أتذهبين إلى نبي الله والمؤمنين يدعو عليهم بلعم وقال بعض هؤلاء المسمين إن الحمارة قالت ألا ترى الوادي أمامي قد اضطرم نارا قال فخلى سبيلها ثم انطلق حتى أشرف على رأس جبل يطل على بني إسرائيل
(٤٠٤)