قال: فأحطنا (1) بالحاضر، فسمعت رجلا يصرخ: يا خضراء، فتفاءلت وقلت: لأصيبن خيرا - وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتفاءل بمثل هذا، فإنه [لما] خرج من الغار مع أبي بكر رضي الله عنه يريد المدينة مر على بريدة الأسلمي. فأمر أبا بكر أن يسأله عن اسمه. فلما قال: بريدة، قال: برد لنا الامر، فلما قال: من أسلم، قال: سلمنا - فعرفنا أنه لا بأس بالتفاؤل على هذه (2) الصفة.
وحين عبر جيش المسلمين جيحون سمعوا رجلا ينادى غلامه يا ظفر، فقالوا: قد ضفرنا، وآخر ينادى غلامه: يا علوان، فقالوا: قد علونا.
ثم روى نحو هذا عن زيد بن حارثة رضي الله عنه أنه فعله في سرية كان هو أميرهم، وقال: حين انتهينا إلى الحاضر في غبش (3) الصبح - يعنى حين اختلط الظلام بالضوء - وقد أغار رسول الله صلى الله عليه وسلم على بنى المصطلق، وهم غادون ونعمهم (4) تسقى على الماء، فقتل مقاتلهم، وسبى ذريتهم، وكان في ذلك السبي جويرية بنت الحارث. وعهد إلى أسامة أن يغير على أبنى صباحا ثم يحرق. والغارة لا تكون بدعوة.
65 - وذكر عن الحسن قال: ليس للروم دعوة. فقد دعوا في آباد الدهر (5).
أي قد بلغتهم الدعوة قبل زماننا، أو مراده قد بشر عيسى عليه السلام إياهم بمحمد صلى الله عليه وسلم وأمرهم أن يؤمنوا به إذا بعث كما قال الله تعالى {ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد} (6) وبالله التوفيق.