شرح السير الكبير - السرخسي - ج ١ - الصفحة ٦٩
وزيد هذا مولى رسول الله عليه السلام. فقد كان لخديجة، وهبته لرسول الله عليه السلام فأعتقه وتبناه إلى أن انتسخ حكم التبني فهو مولاه.
وفيه نزل قوله تعالى {وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه} (1) - أي أنعم الله عليه بالاسلام وأنعمت عليه بالاعتاق - ثم أمره رسول الله عليه السلام على ثماني سرايا، إلى أن قتل يوم مؤتة، فأثنى عليه أنه خير الامراء، وعين لتحقيق صفة الخيرية هاتين الخصلتين، لان أمير السرية يحتاج إليهما، وهو أن يعتبر المعادلة في القسمة بينهم فيما ينالونه، وينصف بعضهم من بعض فيما يرجعون إليه. فقد فوض ذلك إليه.
وبعض الناس عابوا على محمد رحمه الله في رواية هذا اللفظ، فان من حق الكلام أن يقول: أقسمهم بالسوية وأعدلهم بالرعية. ولكنا نقول:
روى محمد رحمه الله الخبر بهذا اللفظ فدل على صحة استعماله.
52 - قال: ولا بأس للامام أن يبعث الرجل الواحد سرية أو الاثنين أو الثلاثة إذا كان محتملا لذلك، لما روى أن النبي عليه السلام بعث حذيفة بن اليمان في بعض أيام الخندق سرية وحده. وبعث عبد الله بن أنيس (2) سرية وحده، وبعث دحية الكلبي سرية وحده، وبعث ابن مسعود وخبابا سرية.
والذي روى أن النبي عليه السلام نهى أن تبعث سرية دون ثلاثة نفر تأويله من وجهين.
إما أن يكون ذلك على وجه الاشفاق بالمسلمين من غير أن يكون ذلك مكروها في الدين.

(١) سورة الأحزاب، ٣٣، الآية ٣٧.
(٢) ب " المس "، ه‍ " أنيس " ط " أنس ". انظر تهذيب التهذيب ٥: ١٤٩.
(٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 ... » »»