شرح السير الكبير - السرخسي - ج ١ - الصفحة ٧٦
لقوله تعالى {وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا} (1)، وبه أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم أمراء الجيوش فقال: " فادعوهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله "، ولأنهم ربما يظنون أننا نقاتلهم طمعا في أموالهم وسبى ذراريهم ولو علموا أنا نقاتلهم على الدين ربما أجابوا إلى ذلك من غير أن تقع الحاجة إلى القتال.
وفى تقدم عرض الاسلام عليهم دعاء إلى سبيل الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة، فيجب البداية به.
فإن كان قد بلغهم الاسلام ولكن لا يدرون أنا نقبل منهم الجزية فينبغي أن لا نقاتلهم حتى ندعوهم إلى إعطاء الجزية. به أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أمراء الجيوش، وهو آخر (2) ما ينتهى به القتال. قال الله تعالى {حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون} (3)، وفيه التزام بعض حكام المسلمين والانقياد لهم في المعاملات فيجب عرضه عليهم إذا لم يعملوا به.
إلا أن يكونوا قوما لا يقبل منهم الجزية كالمرتدين وعبدة الأوثان من العرب، فإنه لا يقبل منهم إلا الاسلام أو السيف (4).
قال الله تعالى: {تقاتلونهم أو يسلمون} (5).

(١) سورة الإسراء ١٧، الآية 15.
(2) أ، ه‍، ط، ب " أحد ".
(3) سورة التوبة، 9، الآية 29.
(4) ط، ه‍ " السيف أو الاسلام ".
(5) سورة الفتح، 48، الآية 16.
(٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 ... » »»