فكأنه استدل بتخصيص رسول الله صلى الله عليه وسلم المجوس بذلك على أنه لا بأس بنكاح نساء أهل الكتاب (1). فإنه بنى هذا الكتاب (2) على أن المفهوم حجة. ويأتي بيان ذلك في موضعه (3).
152 - ثم بين أنه كما لا يحل له أن يطأ المجوسية بالنكاح لا يحل له أن يطأها بملك اليمين. لان حل الوطئ يبتنى على ملك المتعة.
وذلك لا يثبت للمسلم (4) على المجوسية بسبب ملك اليمين، كما لا يثبت بسبب النكاح.
فأما الصابئون على قول أبي حنيفة رضي الله عنه فيحل أكل ذبائحهم ومناكحة نسائهم ولا يكره ذلك. وعند أبى يوسف ومحمد رحمهما الله لا يحل ذلك. وهم بمنزلة المجوس.
وهذا الاختلاف في أن الصابئين منهم. فوقع عند أبي حنيفة أنهم صنف من النصارى يقرأون الزبور، وهذا هو الذي يظهرونه من اعتقادهم.
ووقع عند أبي يوسف ومحمد رحمهما الله أنهم يعبدون الكواكب ويعتقدون في أن الكواكب آلهة. وهذا هو الذي يضمرونه من اعتقادهم، ولكنهم لا يستجيرون إظهار ما يعتقدون قط بمنزلة الباطنية. فبنى أبو حنيفة الجواب على ما يظهرون، وهما بنيا على ما يضمرون. وعلى ذلك هم بمنزلة المجوس أو شر منهم. والله الموفق.