نفسي أن أعطيك من مالي شيئا ولكن هو ذا أحتال لك بحيلة تأخذ فيها خمسة آلاف دينار فقبلت يده فقال إذا كان غد وجاءني القاسم - يعنى ابن عبيد الله - فهو ذا أسارك حين يقع نظري عليه سرارا طويلا التفت فيه إليه كالمغضب وانظر أنت إليه في خلال ذلك كالمخالس لي نظر المترثي له فإذا انقطع السرار فيخرج ولا يبرح الدهليز أو تخرج فإذا خرجت خاطبك بجميل وأخذك إلى دعوته وسألك عن حالك فاشك الفقر والخلة وقلة حظك منى وثقل ظهرك بالدين والعيال وخذ ما يعطيك واطلب كل ما تقع عينك عليه فإنه لا يمنعك حتى تستوفى الخمسة آلاف دينار فإذا أخذتها فسيسألك عما جرى بيننا فأصدقه وإياك أن تكذبه وعرفه أن ذلك حيلة منى عليه حتى وصل إليك هذا وحدثه بالحديث كله على شرحه وليكن إخبارك إياه بذلك بعد امتناع شديد وإحلاف منه لك بالطلاق والعتاق ان تصدقه وبعد أن تخرج من داره تأخذ كل ما يعطيك إياه وتحصله في بيتك. فلما كان من غد حضر القاسم فحين رآه بدأ يسارني وجرت القصة على ما واضعته عليه فخرجت فإذا القاسم في الدهليز ينتظرني فقال: يا أبا محمد ما هذا الجفاء لا تجيئني ولا تزورني ولا تسألني حاجة؟ فاعتذرت إليه باتصال الخدمة على فقال: ما يقنعني إلا أن تزورني اليوم ونتفرج فقلت: أنا خادم الوزير فأخذني إلى طيارة وجعل يسألني عن حالي وأخباري وأشكو إليه الخلة والإضافة والدين والبنات وجفاء الخليفة وامساكه يده فيتوجع ويقول: يا هذا مالي لك ولن يضيق عليك ما يتسع على أو تتجاوزك نعمة تحصلت لي أو يتخطاك حظ فإنك في فنائي ولو عرفتني لعاونتك على إزالة هذا كله عنك فشكرته وبلغنا داره فصعد ولم ينظر في شئ وقال: هذا اليوم احتاج أن اختص فيه بالسرور بأبي محمد فلا يقطعني أحد عنه وأمر كتابه بالتشاغل بالاعمال وخلا بي في دار الخلوة وجعل يحادثني ويبسطني وقدمت الفاكهة فجعل يلقمني بيده وجاء الطعام فكانت هذه سبيله وهو يستزيدني فلما جلس للشرب وقع لي بثلاثة آلاف دينار وأخذتها للوقت واحضرني ثيابا وطيبا ومركوبا وأخذت ذلك وكان بين يدي صينية فضة فيها مغسل فضة وخراداذي بلور وكوز وقدح بلور وامر بحمله إلى طيارتي وأقبلت كلما رأيت شيئا حسنا له قيمة وافرة طلبته وحمل إلى فرشا نفيسا وقال: هذا للبنات فلما تقوض أهل المجلس خلا بي وقال: يا أبا محمد أنت عالم بحقوق أبى عليك ومودتي لك. فقلت: أنا خادم الوزير فقال أريد ان أسألك عن شئ وتحلف لي انك تصدقني عنه فقلت: السمع والطاعة
(١٧٢)