ومن أهل الشام خمسة وأربعون ألفا فلما اشتدت البلاء بالفريقين وكثر بينهم القتلى قال عمرو بن العاص لمعاوية إن هذا الامر لا يزداد إلا شدة فهل لك إلى أمر لا يزداد القوم به إلا فرقة إن أعطونا اختلفوا وإن منعونا اختلفوا فقال معاوية ما هو فقال المصاحف نرفعها وندعوهم بما فيها فإنهم لا يقاتلون إلا على ما قد علمت فقال معاوية افعل ما رأيت فأمر بالمصاحف فرفعت في الرماح ثم جعلوا ينادون ندعوكم إلى كتاب الله والحكم بما فيه فسر الناس به وكرهوا القتال وأجابوا إلى الصلح وأنابوا إلى الحكومة وقالوا لعلي إن القوم يدعونك إلى الحق وإلى كتاب الله فان كرهنا ذلك فنحن إذا مثلهم فقال على ويحكم ما ذلك يريدون ولا يفعلون ثم مشى الناس بعضهم إلى بعض وأجابوا الصلح والحكومة وتفرقوا إلى دفن قتلاهم ولم يجد على بدا من أن يقبل الحكومة لما رأى من أصحابه فحكم أهل الشام عمرو بن العاص وأراد على أن يحكم بن عباس فقال الأشعث بن قيس وهو يومئذ سيد الناس لا يحكم في هذا الامر رجلان من قريش ولا افترق الفريقان على هذا الجمع على حكومة بعد أن كان من القتال بينهما ما كان إلا وأحد الحكمين منا وتبعه أهل اليمن على ذلك ثم قال الأشعث لا نرضى إلا بأبي موسى الأشعري وكتبوا بينهم كتابي الصلح
(٢٩٢)