كليات في علم الرجال - الشيخ السبحاني - الصفحة ٤١
شرائطها التي منها الاعتماد على الحس دون الحدس. وهو شرط اتفق عليه العلماء، ومن المعلوم عدم تحقق هذا الشرط، لعدم تعاصر المعدل (بالكسر) والمعدل (بالفتح) غالبا.
والجواب أنه يشترط في الشهادة، أن يكون المشهود به أمرا حسيا أو يكون مبادئه قريبة من الحس وإن لم يكن بنفسه حسيا، وذلك مثل العدالة والشجاعة فإنهما من الأمور غير الحسية، لكن مبادئها حسية من قبيل الالتزام بالفرائض والنوافل، والاجتناب عن اقتراف الكبائر في العدالة، وقرع الابطال في ميادين الحرب، والاقدام بالأمور الخطيرة بلا تريث واكتراث في الشجاعة.
وعلى ذلك فكما يمكن إحراز عدالة المعاصر بالمعاشرة، أو بقيام القرائن والشواهد على عدالته، أو شهرته وشياعه بين الناس، على نحو يفيد الاطمئنان، فكذلك يمكن إحراز عدالة الراوي غير المعاصر من الاشتهار والشياع والأمارات والقرائن المنقولة متواترة عصرا بعد عصر المفيدة للقطع واليقين أو الاطمئنان.
ولا شك أن الكشي والنجاشي والشيخ، بما أنهم كانوا يمارسون المحدثين والعلماء بطبع الحال كانوا واقفين على أحوال الرواة وخصوصياتهم ومكانتهم من حيث الوثاقة والضبط، فلأجل تلك القرائن الواصلة إليهم من مشايخهم وأكابر عصرهم، إلى أن تنتهي إلى عصر الرواة، شهدوا بوثاقة هؤلاء.
وهناك جواب آخر; وهو أن من المحتمل قويا أن تكون شهاداتهم في حق الرواة، مستندة إلى السماع من شيوخهم، إلى أن تنتهي إلى عصر الرواة، وكانت الطبقة النهائية معاشرة معهم ومخالطة إياهم.
وعلى ذلك، لم يكن التعديل أو الجرح أمرا ارتجاليا، بل كان مستندا، إما إلى القرائن المتواترة والشواهد القطعية المفيدة للعلم بعدالة الراوي أو
(٤١)
مفاتيح البحث: الشهادة (1)، الحرب (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 ... » »»
الفهرست